ربما يكون رفض اللجنة العليا للانتخابات التصويت الإلكترونى منطقياً، فمن الصعب الاطمئنان، حتى الآن، من عدم التزوير. ولكنى أظن أن رفض اللجنة برئاسة المستشار انتصار نسيم رئيس محكمة استئناف القاهرة إنشاء دائرتين جديدتين للمصريين بالخارج يحتاج إلى مراجعة، لأنه يحرم مواطنين من حقوقهم التى أقرها الدستور.
الحجة التى قالها أعضاء اللجنة، طبقا لما نشرته جريدة روزاليوسف، هى أن التجربة فى الدوائر الأوروبية مثل استراليا وبولندا كانت غير مشجعة، فعدد الأصوات غير مشجع، وعدد المهاجرين فى كل دولة يصل إلى 10 ملايين (أظن أن الرقم غير دقيق)، فى حين لم يذهب للتصويت سوى 150 شخصا، وبالتالى تم استبعاد الفكرة.
وهى حجة مردود عليها، فالانتخابات حق ولو لمواطن واحد، وليس معنى أن الناس لا تذهب إلى الانتخابات أن نلغيها، فبذات المنطق لابد من إلغاء الاستفتاءات والانتخابات هنا فى مصر لأن نسبة الذين يذهبون ضئيلة جداً، ولابد أن نغلق المدارس التى يذهب إليها عدد قليل من الطلاب.
أرجو من أعضاء اللجنة العليا للانتخابات أن يقرأوا الأخبار التى ينشرها موقع «اليوم السابع» عن الانتخابات العراقية هنا فى مصر، رغم أن هذه دولة تحت الاحتلال، ومع ذلك فهناك حرص شديد على ألا يحرم مواطن فى أى مكان من حقه الدستورى فى التصويت.
لكن المشكلة الأكبر سواء فى اللجنة العليا للانتخابات التى تتولى الانتخابات العادية (شورى وشعب ومحليات)، أو اللجنة العليا التى تتولى الانتخابات الرئاسية أنهما طبقا للتعديلات الدستورية الأخيرة لا يمكن الطعن على قراراتهما، وهذا يعنى إهدار حق إنسانى فى كل مكان فى الدنيا وهو الطعن على قرارات أى لجنة، وهو بجملة واحدة إهدار لحق المواطنين فى التقاضى، وهذا إخلال فادح بمبدأ المساواة بين الناس، وإخلال لجوهر العدل، وسيطرة وجهة نظر واحدة، بدلا من وجود درجات من التقاضى تقلب الأحكام على أكثر من وجه وصولاً إلى حكم نهائى.
الأخطر طبقاً للدستور أن اللجنتين يختار أعضاءهما رئيس الجمهورية، وهذا يعنى بوضوح وجود شبهة انحياز، فالرئيس هو رئيس الحزب الوطنى أحد المتنافسين فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى والمحليات. ناهيك عن أنه هو الذى يختار رئيس المحكمة الدستورية، أى يختار رئيس اللجنة العليا للانتخابات الخاصة بالانتخابات الرئاسية، وكما ترى غير منطقى، أى أن يختار أحد المتنافسين على الموقع الرفيع اللجنة التى تشرف على الانتخابات.
رغم ذلك طبقاً لما قاله لى صديقى المحامى المعروف خالد على مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يمكن إجبار هذه الحكومة على توفير استمارات الترشيح فى الخارج، أى عمل دوائر، وهو ما أتمنى أن يتحمس له مع صديقى خالد رؤساء الجاليات المصرية فى الخارج وعلى رأسهم الدكتور عصام عبدالصمد.. وهذا أضعف الأيمان حتى يأتى اليوم الذى يمكننا من وضع دستور يحترم المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة