قبل أقل من عشر سنوات سمحت الحكومة لشركات وأفراد باستيراد "التوك توك"، وتم بيع أعداد كبيرة منه فى كل أنحاء مصر، وبعد فترة سمحت بإنتاج "التوك توك" فى مصر، وهو ما أدى لإنتاج أعداد كبيرة أخرى. أقبل عليه الزبائن. وبدأ "التوك توك" ينتشر فى الشوارع والحارات فى الأحياء الشعبية والقرى، لكن الحكومة اكتشفت أن قانون المرور يخلو من "التوك توك"، وأنه لا يوجد اعتراف قانونى أو دستورى "للتوك توك"، واختلف خبراء المرور هل يمكن اعتبار "التوك توك" موتوسيكل، أم يمكن اعتباره سيارة لأن به ملحقات، وقال البعض إنه لا يمكن اعتباره موتوسيكل لأن له ثلاث عجلات وكابينة، ولا يمكن اعتباره سيارة لأنه ليس كذلك. ورفضته إدارات المرور الموافقة على ترخيص هذا الكائن الخرافى. ووجد عشرات الآلاف ممن اشتروا "التوك توك" أنهم لا يستطيعون استعماله، لأنه بلا ترخيص. وانقسم المواطنون بين مؤيد "للتوك توك" كوسيلة مواصلات فى الأماكن الضيقة التى لا تصلها المواصلات، والشوارع الخالية من النقل العام.
وقعنا جميعا فى حيص بيص. لا يوجد اعتراف قانونى بـ"التوك توك"، وفى الوقت نفسه تسير عشرات الآلاف من "التكاتك" فى الشوارع والحارات وتنقل عشرات الآلاف يوميا.
وتوصل سائقو "التوك توك" إلى أكثر من طريقة وأكثر من اتفاق مع رجال المرور وكلها اتفاقات غير رسمية يقودون "التوك توك" ويغض رجال المرور الأعين مقابل "معلوم"، لكن هذا الاتفاق كان ينهار مع كل لجنة أو حملة للمرور والداخلية وعندما تقع حادثة وحوادث "التوك توك" كثيرة يصعب عمل مسئولية، لأن الكائن غير مرخص، كانت بعض الجرائم أحيانا ترتكب من قبل سائقى "توك توك" فيعجز البوليس عن ضبطه، لأنه بلا أرقام.
وظلت مشكلة "التوك توك" بالمحافظات قائمة، حيث سمحت بعضها بترخيصه بعد مداولات وأخرى رفضت، وثالثة رخصته فى أماكن ومنعت سيره فى أماكن أخرى. ومع أن البرلمان أصدر قانون المرور الجديد فقد تم تجاهل الوضع القانونى لـ"التوكتوك"، وتفكر الحكومة فى إدخال تعديلات على القانون من أجل "التوك توك". وربما نحتاج تعديلات دستورية لإدخال التوك توك" فى السياق السياسى.
والنتيجة أنه لا الحكومة ولا مجلس الشعب ولا الحزب الوطنى ولا المحافظات ولا خبراء القانون استطاعوا التوصل لوضع مثال يمكن من خلاله تنظيم "التوك توك". كل هذا ومازلنا نسمح باستيراد وإنتاج وبيع "التوك توك"، فعلت الحكومة هذا قبل أن تدرس الأمر، وعجزت كل المؤسسات عن التوصل إلى حل واضح للتعامل مع "التوك توك". الاستيراد مستمر والإنتاج مستمر والمخالفات مستمرة.
وما تزال قضية "التوك توك" مستمرة بدون حسم، قانونى أو تشريعى. بفضل العشوائية التى تسود نظامنا السياسى. وهى الطريقة نفسه التى تعامل بها النظام - الحكومة ومجلس الشعب - مع التعديلات الدستورية، ومع الخصخصة، ومع الصحة ومع قرارات العلاج على نفقة الدولة، وإذا كانت كل هذه المؤسسات المختلفة والسلطات المعقدة تشريعية وتنفيذية وقضائية عاجزة عن حسم الموقف من "التوك توك" فمن الصعب أن تكون لديها تصورات لأى قضية أخرى.