نصر القفاص

نعم احبسوا الصحفيين إذا كانوا من «سفهاء الأمة»!!

لا تصمت يا أستاذ يحيى.. وأصبت يا أستاذ يسرى

الجمعة، 12 مارس 2010 03:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحت عنوان «المطار وصحفيو الفرز الثالث» كتب الأستاذ «أسامة غريب» مقالا, كال فيه ما شاء من اتهامات للعاملين فى بلاط صاحبة الجلالة اعتبر ما قاله يندرج تحت عنوان حرية الرأى فإذا بخمسة وثلاثين من الزملاء أعضاء نقابة الصحفيين, يتقدمون ببلاغ للنائب العام يتهمونه فيه بالسب والقذف والتشهير.. وتقدم بالبلاغ نيابة عنهم الأستاذ «سيد أبوزيد» محامى النقابة بتفويض من نقيب الصحفيين.

سبق أن كتب الزميل «ياسر بركات» سلسلة مقالات تناول فيها الزميل «مصطفى بكرى» بما اعتقد أنه ممارسة لحرية الرأى والتعبير.. لكن اعتقاد الأستاذ «مصطفى بكرى» كان فى أنه سب وقذف وتشهير, فاختار الذهاب إلى المحكمة للفصل فى القضية, فأنصفه القضاء.
أكثر من عشرين زميلا صحفيا جعلوا من فتاتين بريئتين اسمهما «هبة ونادين» وليمة للذئاب وأعشاب البحر, بعد أن اغتالتهما يد غادرة لا تعرف الرحمة.. مارس الزملاء كل ألوان السب والقذف والتشهير فى الأخلاق والسلوك والعرض.. كانوا يعتقدون أن نقل الشائعات هو ممارسة لحرية تداول المعلومات.. وعندما أدركوا أنهم سقطوا فى بئر التشهير والسب والقذف, راحوا يطلبون العفو من أهالى الضحيتين.. المثير أن نقيب الصحفيين ومجلس النقابة كانوا شهودا على هذه الفضيحة.. والأكثر إثارة أن النقيب اعترف بفداحة الجريمة.. وتقدم معلنا الاعتذار وفرضه على الجميع.. وتم طى الصفحة دون حساب للذين ارتكبوا واحدة من أبشع جرائم النشر.

عاش الفنان الكبير «نور الشريف» ونفر من زملائه حياة ينعمون فيها بالتقدير من الرأى العام.. جاء يوم خرجت فيه صحيفة تتهمهم بالقبض عليهم, ضمن شبكة تمارس الشذوذ الجنسى.. وعبر شاشات التليفزيون فى عدد لا بأس به من البرامج, كان رئيس تحرير الجريدة يؤكد أنه يملك المستندات الدامغة على ما ادعى أن ما تم نشره كان خبرا.. ثم كان الفصل فى القضية أمام المحاكم, ليثبت أن القصة من أولها إلى آخرها مفبركة لا دليل ماديا أو معنويا عليها.

كل هذا يحدث عندنا بما فيه من تناقض شديد.. فعندما يمس كاتب رأى الصحفيين, ينتفضون مهرولين نحو القضاء تحميهم نقابتهم ويدافع عنهم محامى النقابة.. أما عندما يمزق الصحفيون الأحياء والموتى بأبشع الاتهامات, فهنا تجد الدفاع عن حرية الرأى والتعبير.. إلى آخر قائمة مفردات المناضلين الذين يترافعون عن العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة.. وهذا لا يحدث إلا فى الدول التى تشبه حالة مصر.. أقصد البلاد التى تحبو على أربع فى سن «الطفولة الديمقراطية», قبل أن تتمكن من الوقوف للمشى على قدمين.. أما هناك فى الغرب.. فالخطأ هو الخطأ حتى قبل الذهاب للقضاء. قبل شهور لجأ العالم المصرى «محمد الترانيسى» للقضاء ضد هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى متهما إياها بالتشهير به وتوجيه اتهامات لا سند لها ماديا أو معنويا.. قام المسئولون عن الإذاعة بإعادة قراءة موقفهم والملف فأدركوا أنهم أخطأوا.. لم يكابروا.. لم يزايدوا.. لم يستنجدوا بمنظمات المجتمع المدنى أو يلجأوا لنقابة الصحفيين.. لم يرشقوا صاحب الادعاء بأنه ليس إنجليزيا فى الأصل.. كلفوا محاميهم بالتفاوض مع الطبيب المصرى, ودفعوا له تعويضا وصل إلى مليون جنيه إسترلينى ما يعادل 10 ملايين جنيه مصرى والمثير أن أصدقاء وجيران العالم المصرى من الإنجليز, عبروا عن تضامنهم معه فذهبوا إلى مقر الإذاعة البريطانية متظاهرين منددين بإطلاقها الاتهامات والشائعات دون سند.. وسر وصفى لذلك بأنه مثير, أن التعويض الذى دفعته الإذاعة من أموال أولئك المتظاهرين باعتبارهم دافعى ضرائب!!.

طالت المقدمة وهذا ضرورى جدا.. قبل أن أدخل فى الموضوع مندهشا من أمر الأستاذ «يحيى قلاش» عضو مجلس نقابة الصحفيين منذ حوالى 20 عاما.. فقد كتب مقالا عنوانه «اكتفوا بالصمت إن لم تستطيعوا الدفاع عن مهنتكم ورسالتكم».. والمقال كان ردا على مقال كتبه الأستاذ «يسرى فودة» تحت عنوان «نعم لحبس الصحفيين» على صفحات «اليوم السابع».. وبوضوح أؤكد انحيازى واحترامى لوجهة نظر ورأى الأستاذ «يسرى فودة» فقد طلب أن يكون هناك فارق بين ممارسة حرية التعبير, ورشق الناس بالسب والقذف والتشهير دون سند أو دليل.. وأكد على أن صاحب الرأى يجب أن يتضامن المجتمع كله معه, أما الذى يمارس اغتيال الناس معنويا وماديا فهذا يستحق العقاب حتى لو وصل إلى الحكم بالحبس.. وهذه الرؤية لم ترق للنقابى القديم «يحيى قلاش».. فكتب هامزا وغامزا فى حقه.. رافضا مستنكرا أن يقول القول السديد.. ومن حيث الشكل فالغريب أن النقابى يدعونا إلى الصمت رغم دفاعه عن حرية التعبير!!.. أما فى المضمون فهو يتحدث فى موضوع مختلف تماما عما طرحه «يسرى فودة» فاستعرض التاريخ والقوانين المقيدة للحريات.. ونضال الصحفيين لإلغاء الحبس فى قضايا الرأى.. وكل هذا لم ينكره «يسرى فودة» -ولا أنكره أيضا- لكننى أرفض أن يكون على رأس الصحفيين «ريشة» بدليل أنهم لم يحتملوا رأى «أسامة غريب» فذهبوا جماعة للنائب العام.. طالبين التحقيق معه ومع جريدة المصرى اليوم التى نشرت المقال.. وعندما سقطوا فى بئر اغتيال الأعراض, صرخوا راجين العفو عند المقدرة.. يتقدمهم النقيب عبر محامى النقابة.. وإن فتحنا الملف سنجد كلاما بلغة قديمة وسخيفة وشديدة الملل, يجوز وصفها بأنها «لغة الخشب»!!..

يحدثونك عن ديناصور واضح أنه انقرض منذ زمن بعيد اسمه «ميثاق الشرف الصحفى» وبالتأكيد أحلى من الشرف مافيش كما كان يقول الفنان توفيق الدقن!! - فهذا الميثاق يقف فى شكل تمثال حجرى إلى جانب تمثال الكاتب المصرى لا ينطق أبدا.. فلو أنه تم تطبيقه على من يمارس المهنة بشكل خطأ, ما احتجنا إلى كل هذا الجدل العقيم وحوار الطرشان الذى نمارسه.. فعندما يقول «يسرى فودة» إن الجريمة جريمة حتى لو ارتكبها الصحفى.. نرد عليه أنت ضد حرية التعبير.. فهل من حرية التعبير اغتيال الموتى فى عرضهم بعد اغتيالهم بيد غادرة؟!.. وهل من حرية التعبير هدم تاريخ وسيرة فنان قدير وفضحه أمام الأمة العربية بأسرها؟!.. بما فى تلك الجريمة من هدم لرموز ذات قيمة نفاخر بها أمام أشقائنا.. وهل هيئة الإذاعة البريطانية التى اعترفت بخطئها, ودفعت ثمنه قبل عرض الملف على القضاء.. لا تعرف معنى وقيمة حرية التعبير؟!

لن أقول للصديق العزيز الأستاذ «يحيى قلاش» اصمت لأننى أؤمن إيمانا راسخا بحقه فى أن يقول ويكتب ما يشاء.. ولن أعتب عليه فى غمزه ولمزه تجاه «يسرى فودة» والمبدع الكبير «لينين الرملى» الذى قال الكلام ذاته قبل عامين, فمزقه البعض إربا إربا.. وكلاهما قال كلاما محترما وناقش قضية تستحق أن نتعامل معها باحترام وإجلال.. وإن شاء الأستاذ «يحيى قلاش» أن أذكره بما سبق أن قاله الأستاذ الكبير «نجيب محفوظ».. عندما طالبوه بالوساطة فى قضية شبيهة بين اثنين من كتاب الرأى بعد صدور حكم بالحبس فيها.. فسأل الأستاذ «نجيب محفوظ»: ما هى الجريمة؟.. فقالوا له تفاصيلها.. فإذا بصاحب نوبل يعتذر عن التدخل قائلا: إن الحكم بالحبس 6 أشهر حكم مخفف لأن الاتهام يستحق ما هو أكثر من ذلك!! لكننى أتفهم موقف الأستاذ «يحيى قلاش» باعتباره نقابيا يحترم أصحاب الأصوات فى الانتخابات, فألزم نفسه بالدفاع عنهم ظالمين أو ظالمين!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة