المتهم جمال حسين ضحية، صحيح أنه ارتكب جريمة محاولة تفجير المعبد اليهودى فى وسط القاهرة، وصحيح أنه إذا ثبتت الاتهامات لابد أن يعاقب بالقانون، ولكنه فى ذات الوقت رد فعل للشحن فى الاتجاه الخاطئ، والشاحنون، بقصد أو بدون قصد، أوصلوه إلى إهدار حياة كان من الممكن أن تكون نافعة له ولبلده.
أول الخطايا فى هذا الشحن هو الخلط الفادح بين اليهود وإسرائيل، ونقل نضالنا ضد دولة عنصرية تحتل أرضا وتشرد شعبا إلى صراع مع أصحاب دين، منهم من لا يعيش فى إسرائيل ولا يحمل جنسيتها، بل ومنهم من يرفض الممارسات الصهيونية علانية، ومنهم من يرى أن هذا الكيان بطبيعته وجرائمه ضد اليهودية.
المشكلة فى بلدنا أن الذين يشحنون فى هذا الاتجاه الخاطئ كثيرون، على رأسهم أنصار الدولة الدينية، الإخوان والجماعات، فخطابهم الدينى والسياسى ينطلق من العداء ضد اليهود، وليس العداء ضد المحتل أيا كانت ديانته أو جنسيته، وكأن فلسطين لو احتلها مسلمون من أى مكان فى العالم سنتنازل عنها.
وقع فى هذا الفخ المقيت قوى سياسية مدنية، مارست ذات الشحن الدينى، مستندة إلى أن استغلال هذه المشاعر النبيلة يمكن أن يؤدى إلى حشد جماهيرى ضد العدو، ولذلك تجدهم يرفعون شعارات من نوع الحفاظ على المقدسات الإسلامية فى القدس، متجاهلين وجود مقدسات مسيحية تتعرض للخطر الصهيونى أيضا.
النتيجة أننا نعيد إنتاج ذات الخطاب الصهيونى، وندعم دون أن ندرى هذا الكيان العنصرى، فنصدر للعالم أننا لا نناضل ضد محتل، وهذا يمنح إسرائيل تعاطفا منطقيا فى كل الدنيا وليس فى الغرب فقط.
أضف على ذلك التعامل مع الآثار اليهودية المصرية وكأنها آثار إسرائيلية، انطلاقا من الخطاب الصهيونى الكاذب، وهو أن إسرائيل هى الممثل الرسمى والوحيد لليهود فى العالم، وهذه خطيئة كبرى. فالآثار اليهودية فى بلدنا مصرية وبناها مصريون وجزء من بلدنا، ولا علاقة لإسرائيل بالأمر على الإطلاق. وواجبنا الطبيعى أن نحافظ على هذه الآثار مثلها مثل الآثار المسيحية والفرعونية والإسلامية وغيرها.
فهل نتوقف عن دعم إسرائيل بالشحن فى الاتجاه الخاطئ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة