كنت ومازلت واحدا من الذين يتغنون بجمال وروعة تجربة "إسلام أون لاين" ليس فقط كموقع ذى ميول إسلامية، ولكن كمؤسسة إعلامية ظلت على مدار السنوات الماضية تقدم نموذجا محترما فى التعامل الإعلامى مع الأحدث وكيفية احترام القارئ، وفوق كل ذلك كان "إسلام أون لاين" هو المؤسسة الإعلامية الإسلامية الوحيدة التى استطاعت أن تتواصل مع الغرب الأوربى كما لم تفعل مؤسسة مرئية أو مقروءة من قبل.
كنت أمام تجربة كاملة – بالنسبة لى على الأقل- نموذج فى العلاقات الإنسانية المحترمة ونموذج للمجتمع المتماسك بجمال تواصل أفراده وحبهم لبعض، كل هذا النشاط الاجتماعى كان يسير جنبا إلى جنب مع منظومة عمل رائعة فى مختلف المجالات جعلت من الموقع مرجعا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا للراغبين والباحثين عن المعلومات المكتملة.
مررت على إسلام أون لاين كبقية أبناء جيلى على اعتبار أنه أحد الأبواب المفتوحة والتى لا ترد متدربين أو طلبة كلية، مررت على إسلام أون لاين لمدة عامين شاركت فيها الرائعين أحمد نصر وأحمد زين والخلوق المتميز على عبد المنعم والموهوب البراء أشرف، والفيلق النسائى النشيط والمختلف شيرين مجدى وياسمين وهبة ومريم فى تجربة كانت وستظل واحدة من أجرأ وأفضل تجارب الإعلامى الشبابى، ألا وهو موقع عشرينات الذى كان "مطرقع" فى عز ما كانت الصحافة تغرق فى تقليديتها، وكان يراهن على الجيل الإلكترونى الجديد فى عز ما كان الإعلام المصرى لا يعرف ما هو الكمبيوتر.
الكلام السابق كلام ذكريات صحيح.. ولكنه شهادة واجبة فى حق منظومة إعلامية نخسرها الآن بسبب إدارة قطرية تخيلت فى لحظة أنه تملك البشر، بسبب إدارة قطرية أصابها الرعب وتملكتها الغيرة بسبب النجاح غير المسبوق الذى حققه موقع إسلام أون لاين بكل صفحاته وأقسامه، فقررت أن تهدمها على رؤوس أصحابها بقرار يفصل حوالى 250 عاملا ونقل إدارة الموقع إلى قطر.
طبعا لا داعى لأن أحدثكم هنا عن أن إغلاق الموقع يعنى إغلاق إحدى نوافذ الإسلام المعتدل التى تقدم لنا صورة محترمة فى الخارج، ولا داعى لأن أخبركم أن مصيرا سيئا سينتظر أولئك الذين صدر بحقهم قرارات الفصل التعسفى نظرا لتفرغهم الكامل للعمل بالموقع، ولا داعى لأن أذكرك أيضا بأن للدولة المصرية دور فى هذه المهزلة إن تمت لأن حماية المواطن والعامل المصرى أمر واجب الفعل على الدولة المصرية أيا كانت جنسية المنظمة الذى يعمل بها.
بقى أمر واحد وهو بالنسبة لى يفوق كل ما سبق أهمية وهو موقف الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى أحد ممولى وأعضاء الجمعية التى تدير الموقع وبخلاف كل تلك المسميات الرسمية وباختصار هو الأب الروحى لتلك المؤسسة وطالما تردد اسمه سواء على طريقة منع نقده أو التعرض له بسوء على الموقع، أو فى رسائل الشكر وكلمات المديح التى تلقاه على رعايته للموقع الإسلامى.. موقف الدكتور القرضاوى من الأزمة مخجل ومحير ولا يمكن إلا أن يكون سقطة كبيرة للشيخ الجليل، فالرجل الذى استنجد به العاملون والرجل الذى يكلمنا كل يوم عن الحق والقوة والعدل لم يتدخل بقوة حتى الآن لحل لتلك الأزمة.
ستقول لى إنه تقدم باستقالته اعتراضا على ما يحدث.. وسأقول لك أعرف ذلك ولكن هذا النوع من التضامن بالاستقالة هو هروب مقنع لرجل يحدثنا ويخطب فينا دوما عن ضرورة الصدام من أجل الحق، فيكون هو أول الهاربين والخائفين من مواجهة السادة أهل المال والبيزنس فى قطر.
كنت أنتظر من الشيخ الذى يحدثنا عن التعاون والتكاتف والدفاع عن الأخ المظلوم ومواجهة الطغيان والتجبر أن يأتى إلى مصر على أول طائرة ويجلس على الأرصفة والسلالم بجوار العاملون فى إسلام أون لاين.. يهتف معهم ويرفع لافتات الاعتراض، ويقاتل أصحاب المال فى قطر حتى لو كانت النتيجة طرده من هناك، هذا هو المطلوب من الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى وأى شىء غير ذلك لا معنى له سوى أن الشيخ يقول ما لا يفعل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة