الأحداث العالمية تتكامل ولا تنفصل والأحداث فى الشرق الأوسط تتصاعد وتتصل للوصول نحو هدف بذاته وجميع الأجندات تعمل لذات الهدف، فمنذ نكسة 1967 وبهدف إسقاط النظام الناصرى لتناقضه مع الأهداف الاستعمارية الأمريكية، لمواجهة السوفيت فى أفغانستان وحتى سقوطها فى يد الأمريكان عام 2001 وحتى سقوط بغداد وسحقها تحت أقدام الاستعمار الأمريكى بهدف السيطرة على قدرات المنطقة الاقتصادية والجيوسياسية عام 2003، اتصالا بما هو آت لجنوب السودان وانفصاله عن الشمال، كل هذا وغيره كثير يتوازى مع اللعب بورقة الأقليات الدينية تلك الورقة القديمة المتجددة منذ الاستعمار الفرنسى البريطانى وصولاً بالاستعمار الأمريكى الآن، وارتباط كل ذلك بورقة ما يسمى حماية الأقليات، قد تصاعدت بلا شك بعد انتهاء ما يسمى بالحرب الباردة وبعد تسيد أمريكا وإعلانها أن القرن الواحد والعشرين هو قرن أمريكى، وكان استغلال ورقة الأقليات هذه تحت تلك المسميات الجديدة التى تصاعدت مع العولمة مثل الديمقراطية، حقوق الإنسان، حقوق الأقليات، حتى وجدنا كل هذا وفى إطاره النظرى السياسى قد تجسد فى شكل قانون سمى بقانون الحماية الدينية والصادر من الكونجرس الأمريكى والذى يتحدث عن اضطهاد الأقليات الدينية عام 1998، وقد حدد هذا القانون ست عشرة عقوبة ضد الدولة التى تحكم عليها أمريكا ومن خلال تلك التقارير المشبوهة والتى تدعى اضطهاد تلك الأقلية، والتقارير هذه يقدمها عملاء أمريكا وعملاء تلك المنظمات المشبوهة والتى تقوم بدور سياسى محدد للوصول إلى قرار سياسى محدد مستغلة تلك التقارير، وهذه المنظمات يأتى على رأسها منظمة بيت الحرية الأمريكى والذى كان له الدور الأساسى لصدور ذلك القانون، ومن خلال هذا القانون الأمريكى وتطبيقاً لمواده قد أصبح هؤلاء العملاء المتأمركون يقومون بأدوارهم المشبوهة دون خجل وبلا مواربة، معتمدين على تعريف ذلك القانون للاضطهاد.
فقانون الحماية الأمريكى يقول إن أى أقلية دينية مضطهدة اضطهادا منظما وأن يكون هذا الاضطهاد المنظم الحكومة وراءه يصبح بعد ذلك من حق أمريكا التدخل فى شئون ذلك البلد بفرض تلك العقوبات الواردة بالقانون الأمريكى، ولذا نجد أن هؤلاء العملاء فى خارج مصر وداخلها والذين يزعمون زوراً وبهتاناً أنهم يدافعون عن الأقباط وعن حل مشاكلهم، نرى هؤلاء يسوقون ويبيعون تلك الأجندة الأمريكية بهدف إمكان التدخل الأمريكى عند اللزوم بحجة حماية تلك الأقليات، مع العلم أن تلك الأجندة الأمريكية تسعى أول ما تسعى ليس لحل مشاكل تلك الأقليات ولكن الهدف الرئيسى هنا هو تفتيت تلك المنطقة وإعادة تقسيمها على أسس طائفية مثل ما نرى الآن فى العراق والسودن والصومال ولبنان وما يريدونه فى مصر، حتى تظل إسرائيل هى الدولة الأولى الديمقراطية فى المنطقة، وذلك تنفيذاً للمخطط الصهيونى المعلن فى ثمانينيات القرن الماضى من قبل مراكز الأبحاث الإسرائيلية، بما يعنى ويؤكد علاقة هؤلاء العملاء مشبوهى الأدوار باليهودية وبالصهيونية العالمية، وهنا لا نطلق كلاماً مرسلاً نظرياً ولكن سنثبت ذلك من خلال ثلاثة أمثلة فاضحة وكاشفة «والأمثلة كثيرة» لأدوار هؤلاء فى تسويق تلك الأجندة الخطيرة، المثل الأول دور مجدى خليل وهو أمريكى يدعى التمصر ولا علاقة له بمصر من قريب أو بعيد ولكن علاقته بذلك الدور الأمريكى الذى يؤديه لصالح تلك الأجندة وهو أكثر الناشطين فى هذا المجال، وآخر بلاغات مجدى تلك المحاضرة عن اضطهاد الأقباط والعنف الدينى والتى شارك فيها عبر الفيديو كونفراس من أمريكا، حيث يريد مجدى أن يثبت ما جاء فى قانون الحماية الدينية بما يحدث للأقباط فى مصر حتى يتم ذلك التدخل الأمريكى، وما يريد إثباته هو أن الأقباط أقلية مضطهدة ووراء هذا الاضطهاد الحكومة المصرية.
فيقول فى محاضرته هذه «قد تحولت الجرائم التى تقع ضد الأقباط من جرائم المتطرفين الإسلاميين إلى جرائم دولة تشارك فيها مؤسسات الدولة المصرية المختلفة، فالوصف الحقيقى لما يقع على الأقباط من جرائم هو «جرائم دولة»، أما من ناحية القانون الدولى فالاضطهاد المنظم والقتل المستمر واغتصاب البنات والترويع كلها جرائم ضد الإنسانية، فما يقع على الأقباط هو جرائم دولة وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم» وهنا يريد المجدى أن يثبت أن الأقباط أقلية مع العلم بأن الأقباط أقلية عددية وليست أقلية جنسية أو عرقية، ويريد أن يقول أن مشاكل الأقباط اضطهاد منظم مع العلم أن مشاكل الأقباط هى مشاكل سياسية فى المقام الأول وليست مشاكل طائفية فيما لو اعتبرنا أن مشكلة بناء الكنائس هى المشكلة الطائفية الوحيدة التى تخص الأقباط، أما فيما عدا هذا فلا يوجد مشكلة واحدة للأقباط لا يشارك فيها المسلمون حتى ولو بنسبة 1 % وعندئذ تصبح مشكلة سياسية وليست مشكلة طائفية، أى مشكلة كل المصريين وحلها لابد أن يكون من خلال نضال جميع المصريين، فلا يوجد قتل منظم يا سى مجدى حيث تريد أن تثبت أن هناك إبادة بشرية للأقباط مثل ما قيل فى أحد مؤتمراتكم أيام المرحوم عدلى أبادير ولكن قتل من خلال مشاكل حياتية ويومية أخذت شكلا طائفيا وذلك للمناخ والفرز الطائفى الذى يتم التعامل من خلاله على أرضية مسلم ومسيحيى وليس مصرى، كما أن اغتصاب البنات هذه كذبة تريدون ترويجها لإثبات ذلك الاضطهاد فالاغتصاب قد أصبح سلوكاً ممقوتا ومرفوضا فهو ناتج عن تدنى السلوكيات وهبوط القيم وانتشار التدين الشكلى عند المسلمين والمسيحيين.
ومع ذلك يقوم مجدى بكل نشاط بدوره المرسوم ويصاعد من هذا الدور المشبوه، وحيث إنه أمريكى النفس والنزعة والمصلحة ولا علاقة له بمصر الشعب، فهو ضد كل ما هو يمثل الإجماع المصرى، ولأنه أمريكى فمن الطبيعى أن يكون ضد الناصرية ومازال يكذب ويكذب حتى صدق كذبه عندما يقول «نحن نرى أن كل ما يقع على الأقباط من اضطهاد وتمييز هو مخطط ومقنن وممنهج ومستمر منذ عام 1952، وازداد بشكل كبير منذ ظهور الأصولية الإسلامية فى العقود الثلاثة الأخيرة» وهنا فمن مصلحة مجدى السياسية والمادية والزعامية التى يتخيلها أن يكره الناصرية، حيث إن الناصرية بالرغم من غيابها ومنذ وفاة ناصر 1970 ولكنها ستظل الهاجس المؤرق لأمريكا ولعملائها فهى مازالت المنهج السياسى الشعبى والتحدى ضد الهيمنة الأمريكية الصهيونية فى المنطقة وفى العالم، وينسى مجدى أن ثورة يوليو هى الفترة الوحيدة التى شعر فيها الأقباط بالتساوى وبالمواطنة لأن تلك المرحلة لم تتحرك من منطلق طائفى ولكن كانت تعلى الوطنية المصرية الجامعة، ولكن بالطبع الذين أضيروا من الثورة هم هؤلاء الذيول الإقطاعية والرأسمالية من الأقباط والمسلمين والذين لا وجود لهم بغير تلك النظم الاستعمارية.
وهنا نأتى إلى لب الموضوع وهو تلك العلاقة المشبوهة مع الصهيونية، فمن حق مجدى وأمثاله الأمريكان أن يكونوا أمريكان وصهاينة هذا حقهم، ولكن ليس من حقهم على الإطلاق ولن يكون أن يتحدثوا باسم الأقباط وعلى تلك الأرضية العميلة والمشبوهة للصهيونية، فمجدى الأمريكى بالطبع ضد الناصرية والقومية العربية وضد الإسلامية وضد المقاومة بكل أنواعها وضد حماس وحزب الله ومع احتلال أفغانستان والعراق ومع إسرائيل والصهيونية ومع احتلال فلسطين وبناء الهيكل، وهو حر كأمريكى، ولكن ما علاقة هذه التوجهات السياسية الاستعمارية بالأقباط يا رجل، وهل الأقباط لكى تحل مشاكلهم لابد أن يكونوا مثلك أمريكان وصهاينة، وهل لابد للأقباط أن يكونوا ضد الاجماع المصرى والعربى والإسلامى، الأقباط لن يكونوا أمريكان سوى من هم باعوا أنفسهم مثلك، الأقباط هم جزء من الاجماع المصرى والعربى تاريخياً وحياتياً، الأقباط ضد الاستعمار والتقسيم وتاريخ الكنيسة الوطنى يشهد بهذا.
ولكن للأسف فقد وصل بهذا المجدى الفجور بأن يطالب اليهود والأمريكان بدعم الأقباط لأنهم كما يزعم ويكذب يضع الأقباط فى سلة واحدة مع الأمريكان والصهاينة عندما قال: «الأقباط فقدوا الثقة فى الدولة المصرية وهى جزء من اضطهادهم، الأقباط يؤيدون الحرب على الإرهاب «وهو فى نظر مجدى الإسلام» والأقباط يحبون أمريكا والمسلمين يكروهونها الأقباط ضد العرب وبالطبع العروبة أما المسلمون فالعكس.
الأقباط يؤيدون السلام مع إسرائيل ويريدون غلق ملف العداوة طالما أن الأراضى المصرية المحتلة عادت كاملة فى حين يرى المسلمون أن إسرائيل هى العدو الأول لمصر والإسلام» هذه هى تصريحات مجدى، فهل هناك شك بعد ذلك أن هناك مخططا صهيونيا يريد عزل وفصل الأقباط عن محيطهم المصرى والعربى، كما يريد مجدى أن يقول إن الأقباط ضد العروبة والقومية والناصرية وضد الإسلام ومع أمريكا وإسرائيل، فأى خطر هذا وأى عمالة تلك، وما هو المقصود؟ وهل بهذا الطرح يمكن أن يكون هناك توحد مصرى حقيقى؟ وهل بهذا تسعون فعلاً لحل مشاكل الأقباط؟ وإذا كانت أمريكا كذلك يا مجدى يا أمريكانى، فماذا فعلت أمريكا مع مسيحيى العراق الذين وصل عددهم لأقل من واحد فى المائة بعد القتل والتهجير؟ وأين مسيحيو القدس فى ظل الصهيونية التى تدافع عنها والتى تطالب بتدعيمها للأقباط؟ والدعم هنا جاء على لسان مجدى ليقول: «إن تقوية الأقباط فى مصر هى مصلحة غربية وأمريكية ويهودية، لأن الأقباط يحاولون منع مصر من أن تتحول إلى دولة إسلامية جهادية معادية لأمريكا وللغرب»، فأى عمالة هذه؟ وهل دور الأقباط هو أن يعملوا لصالح أمريكا واليهود والغرب أم يعملوا لمصلحة مصر وكل المصريين؟ فهل وصل اللغو والترهات لهذه الدرجة؟ هذه فتنة حقيقية تسعى لقسمة مصر ولتكريس الطائفية وتحقيق القسمة تنفيذاً للمخطط الصهيونى، وفى نفس السياق وبنفس المنهج قد رأينا توماس أسقف القوصية فى محاضرة له بمعهد هدسون الإسرائيلى الأمريكية فى يونية 2008 يقول إن مصر مسيحية وعلى المسلمين العرب العودة إلى الجزيرة العربية، وذلك تعزيزاً لقسمة مصر ولترويج الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وتأكيداً فى الوقت ذاته بشكل جاهل علمياً وتاريخياً أن يروج للمفهوم الصهيونى بأحقية اليهود فى فلسطين مثل أحقية المسيحيين فى مصر، نفس المنهج يتعامل به العميل موريس صادق الذى يجاهر ويفاخر بأحقية شعب الله المختار فى فلسطين أرض الميعاد.
كما أنه يطالب شعب الله المختار بتحرير باقى أراضى اليهود ويدعو المسيحيين بتحرير مصر من الاستعمار الإسلامى، هل شاهدتم مثل تلك الحقارات والفتن وإشعال النيران؟ وما علاقة تلك الأدوار المشبوهة بمشاكل الأقباط؟ وهل بهذه الطريقة العميلة نحل مشاكل الأقباط؟ وهى تحل تلك المشاكل بعيداً عن المسلمين؟ وهل تملك أمريكا وإسرائيل الصهيونية أو هل تريد حقاً حل مشاكل الأقباط، أم أن هذا دور مشبوه وعميل لا علاقة للأقباط به؟ الأقباط مصريون وسيظلون كذلك وهم مع الإجماع المصرى طوال التاريخ وضد الاستعمار بكل صوره، ولا ولن يمثل الأقباط خائن أو عميل أو مشبوه أو مأجور، وستظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة