أنا لا أخجل من الاعتذار وإبداء الأسف والندم كمان فى بعض الأحيان، فتلك ثقافة فخور بأننى واحد من أبنائها، وتلك فضيلة أستمتع بممارستها فى محاولة لمداواة بعض خدوش الأخطاء التى تصيب روحى.. ولكن لحظة ! هل ما أكتبه الآن اعتذار؟ وهل أنا أصلا مضطر لكتابة اعتذار للشيخ القرضاوى أو غيره؟ ثم هل أنا أخطأت فى حق الشيخ القرضاوى؟ ثم قبل هذا وذاك ألا أملك بصفتى البشرية حق الاعتراض والنقد على كل ماهو بشرى مثلى؟
السادة قراء مقال "السقوط الكبير للقرضاوى فى إسلام أون لاين" كانت لهم أجوبة تختلف تماما عن أجوبتى للأسئلة السابقة.. هم أصدروا أحكاما مطلقة بكفرى وزندقتى وقلة أدبى وجهلى لمجرد تعرضى لموقف الدكتور القرضاوى الهادئ والبطئ مما حدث فى الأيام الأولى من أزمة موقع "إسلام أون لاين"، وأصدروا أحكاما مطلقة بأن الشيخ القرضاوى فوق النقد ولا يجوز التعرض له من بعيد ولا قريب، أما أنا فكانت لى أجوبة تختلف قليلا عن ما أصدروه من أحكام.
طبعا لا داعى لأن أقول لكم إن أغلب أصحاب التعليقات ينصحوننى فى تعليقاتهم بما لا يفعلون، بدليل أنهم نصحونى كثيرا بعدم الانفعال وحسن انتقاء الألفاظ بينما تضمنت سطور تعليقاتهم ألفاظا تخجل نساء المصاطب من استعمالها، نصحونى بألا اتهم الناس بالباطل بينما بعضهم أصر على اتهامى بأننى جاهل ولا أقرأ وأننى زنديق ولا أصلى وأننى لا أملك شجاعة الكتابة عن البابا شنودة أو رجال الدين الأقباط منتقدا (بعض الأخوة الأقباط يوجهون لى هذا الاتهام ولكن بالعكس)، ولهؤلاء القراء كل العذر.. فهؤلاء الذين يكتفون بقراءة العناوين والقفز بين السطور ووضع الكتاب فى قوالب جاهزة لكى يستريحوا من عناء التفكير لهم كل الحق فيما قالوه، فلا أنا حزين منهم ولا أنا خائف من طوبهم الذين "يحدفونه" لأننى فى العادة لا يصيبنى الأرق أو القلق إلا من هؤلاء القراء الذين يحترمون السطور فيتمهلون فى قرائتها ويدققون فى معانيها ويناقشون أفكارها باحترام وينقدون أخطائها بقوة لاذعة وقسوة مفرطة ولكنها ليست جارحة أو مخلوطة بعدم علم ودراية وسرعة قراءة ونصائح مصطنعة وكاذبة.
من أجل هؤلاء فقط كتبت هذه السطور، من أجل هؤلاء الذين فهموا وأدركوا أننى لم أهاجم شخص الدكتور القرضاوى ولكنى انتقدت بقوة موقفه من أزمة "إسلام أون لاين" فى أيامها الأولى وأدركوا أن قسوتى منبعها خوف على موقع إسلامى محترم، وبيوت مفتوحة ترويها وتطعمها المرتبات التى يتقاضاها أكثر من 250 عامل فى الموقع الذى تعاملت معه الإدارة القطرية بتعسف، وأدركوا أن قسوتى على موقف الشيخ القرضاوى الهادئ فى أيام الأزمة الأولى منبعها رغبة داخلية ألا يصاب بعضنا بالصدمة فى الشيخ الذى يطالبنا دائما بالإسراع فى نصرة المظلوم بينما هو لم يتحرك بالسرعة الكافية لنصرة مظاليم إسلام أون لاين.
حتى لحظة كتابة المقال السابق لم يكن الشيخ القرضاوى قد تحرك بفعل جاد لحل الأزمة، ولهذا لا تتوقع منى اعتذارا عن تلك السطور حتى ولو كانت مدة صلاحياتها قد انتهت بتدخلات الشيخ القرضاوى فى مساء ليلة كتابة المقال، أعرف أن بعضكم سيحدثنى عن التسرع، وأعرف أن بعضكم سيتكلم عن عدم جواز الحديث بهذا الشكل عن قامة كبيرة مثل القرضاوى وأعلم أنكم قلتم كيف لشاب صغير لا يملك من العلم مثقال ذرة مما يملكه القرضاوى أن يتجرأ وينتقده.. ولكن دعونى أختلف معكم إذا سمحتم يعنى..
بالنسبة لمسألة التسرع.. لن أتراجع عنها، فأنتم ترون بعيونكم ماذا حل بمصر والعالم العربى بسبب التمهل، وانتظار أن يتحرك أهل الحل والعقد وقتما يشاءون دون أن نشكشكهم بالنقد أو نزعجهم بالانتقاد.. وبالنسبة لحالة مقالى والدكتور القرضاوى يمكننى ببساطة أن أقول لكم أن الشيخ الجليل تحرك بعد نشر المقال بحوالى 15 ساعة يعنى ببساطة يمكننى أن أقول بفخر أن هذه السطور وهذا النقد كان سببا رئيسيا فى تحرك الرجل.. ممكن طبعا!
أما الأمر الآخر والمتعلق بجواز نقد رجل بقامة القرضاوى لديه من العلم والخبرة مايغطينى أنا وأهلى، فذلك أمر مغلوط لأننى ببساطة أو غيرى نكتب عن مواقف لا أشخاص، وإذا استسلمت لرأيكم هذا، فلا يجب على أحد فى مصر أن ينتقد الدكتور يوسف بطرس غالى لأنه الأعلم فى منطقته بالشهادات والخبرة، ولا أحد فيكم يملك حق نقد شيخ الأزهر أو خالد الجندى أو عمرو خالد، وبالتالى لا أحد فى مصر كلها ولا الدكتور البرادعى نفسه له حق نقد الرئيس مبارك لأنه بحكم الخبرة سيكون أعلمنا بشئون الحكم وإدارة البلاد.
عموما كل التحية للشيخ والعالم الجليل يوسف القرضاوى على تحركاته التى بدأت تصبح قوية من أجل حل أزمة "إسلام أون لاين" والتى ننتظر اكتمالها حتى لو كانت على حساب وجوده فى قطر، وكثير من العتاب للشيخ الجليل على أنه تحرك متأخرا فترك لى ولأمثالى فرصة نقده وتوجيهه، وكثير من الأسف على هؤلاء الذين لا يقرأون وعلى السطور يقفزون.. وفى النهاية ينصحون بما لايؤمنون ولا يفعلون..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة