فى كل بلاد الدنيا تكون السلطة التشريعية هى صاحبة اليد العليا، لأنها ممثلة الشعب، لكن عندنا تضم السلطة التشريعية خلاصة مرشحين يشترون الأصوات أو يهربون البضائع. لا وقت للتشريع ولا للقانون، مستعدون للتصفيق من أجل الحزب الوطنى وإفشال أى استجواب. أغلبية يتم شراؤها، لتنتج قوانين وتشريعات مشوهة ومضروبة.
وفى دائرة الجمالية تلخيص رائع لما يجرى فى اللعبة الديمقراطية بمصر كيف تباع الأصوات وتشترى، اشتراها وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم ببعض الوعود التى لم تنفذ. قضى سنوات فى الدائرة نائبا لا يراه أحد ولا يسمع عنه ناخب. وعندما استقال بعد تفجر موضوع الازدواجية وأن سليمان يجمع بين منصب تشريعى وآخر تنفيذى فى رئاسة شركة دارت الدائرة وترشح عدد من أعضاء الحزب الوطنى أو من هم على مبادئ الحزب الوطنى، تراوح سعر الصوت الانتخابى من 200 حتى 600 جنيه. كل المرشحين دفعوا مقابل الأصوات لكن المشكلة أنه تم استبعاد مرشح دفع أكثر ليس لأنه اشترى الأصوات لكن لأنه رفع سعر الصوت، الأمر الذى يضاعف من مجهود مرشحى الوطنى فى شراء الانتخابات.
كاد مرشح الوطنى داكر عبد اللاه أن ينجح لولا أنه كان يشترى بأغلى من سعر السوق، وبعد تدخلات وطعون تخلى الوطنى عن داكر لصالح مرشح الوطنى أيمن صلاح. بـ8251 صوتا فى دائرة يتجاوز عدد الناخبين فيها الـ100 ألف صوت على الأقل. لقد كان كل مرشحى الوطنى يشترون الأصوات لأن أحدا لم يذهب للتصويت لعلمهم أنها محسومة لمرشح وطنى أو على مبادئ الوطنى.
أما لماذا يشترى المرشح الدائرة بعدة ملايين فالإجابة فى دائرة أخرى "الزاوية الحمرا"، حيث نائب القمار كان يهرب أجهزة الموبايل ويربح عدة ملايين فى مشوار واحد، لأن الحصانة تحمى وتعتنى، اشترى حصانة ومارس كل الجرائم. وهؤلاء هم مرشحو الحزب الوطنى بالرغم من كل الأحاديث عن المجمع الانتخابى والفرز السياسى والالتزام الحزبى. نواب الضرب والتهريب والشيكات والسيديهات إلى آخر قائمة جرائم الشرف لنواب الحزب. والشعار هنا اشتر الحصانة اليوم واسرق وهرب من أجل استعادتها غدا.
دائرة الجمالية كان يمثلها سليمان الذى فاز لأنه وزير، مسئول عن إسكان البلد، وفى الدائرة سقطت الصخور فوق رؤوس الناخبين وقتلت من قتلت وشردت من شردت. ولا تزال أجهزة التحقيق تحاول البحث عن تفاصيل ما جرى من الوزير والنائب السابق من توزيع أراضى وتخصيص مباشر وعطايا صنعت مليارديرات من أموال وأراضى بلا صاحب.
سليمان استقال ليتنافس مرشحون بالمال، يزايدون على ثمن الصوت، والذين يبيعون يعرفون. لا فرق بين داكر وأيمن ولا بين سليمان وياسر. ولا بين الحصانة التشريعية والحصانة التهريبية.
لهذا نرى داكر المستبعد يشكو من تدخل وتزوير ضده فى الانتخابات لأنه دفع الكثير مقابل الصوت، بينما منافسه فاز للحزب الوطنى وهؤلاء هم البضاعة التى يقدمها الحزب الوطنى فى الجمالية أو الزاوية، وفى كل الزوايا الحصانة تشترى وتباع. وهؤلاء هم من يشرعون أخطر القوانين ويعطلون محاسبة المسئولين تحت إمرة مايسترو الحزب الوطنى السيمفونى السيد أمين التنظيم أحمد عز. ولا توجد لدى النواب موانع فكلهم لهم مصالح يخلصونها، والحزب وحكومته لهما مصالح يخلصونها بالتصفيق والموافقة. ولهذا اخترعوا حصانة خاصة يمكن انتزاعها بدون ألم وإعادتها بدون أى جهد.