جاء وزير التعليم أحمد زكى بدر إلى وزارة التعليم تسبقه سوابق من العنف والتصادم، وضاعف من ذلك أنه ابن وزير الداخلية الأسبق المرحوم زكى بدر، ويبدو فى أحيان كثيرة معبرا عن ثقافة تفضل التصادم على الحوار، فهو تارة يبدو مدافعا عن الضرب فى المدارس وأخرى يبدو صاحب قرارات عنيفة بالنقل والعقاب ضد الموجهين والمديرين، لكنه اتخذ قرارا أمس يستحق عليه تحية عندما قرر إلغاء ندب وتعاقد 10 مسئولين من خبراء تطوير المناهج داخل مركز تطوير المناهج ورئيس المركز بعد ثبوت تورطهم فى مخالفات منها أن بعضهم كانوا يشاركون فى تأليف كتب مدرسية وخارجية لصالح دور النشر التى تشارك فى مسابقات الوزارة، أى أنهم يلعبون دورا مزدوجا تتداخل فيه المصالح، فخبير المواد الاجتماعية يشارك فى تأليف كتاب مواد اجتماعية تصدره دار نشر تشارك به فى مسابقة الوزارة، ونفس الأمر مع خبراء العلوم والتاريخ والدراسات الاجتماعية.
الخبراء لايكتفون بمناصبهم التى يتلقون عنها مكافآت ورواتب ضخمة، بل إنهم يعملون لصالح دور نشر ومصالح خاصة، لأن دورهم هو التحكيم فى مسابقات اختيار الكتب، ويختارون الكتب التى تصدرها دور النشر التى يعملون لها، ويبيعون الدولة والتلاميذ والمصلحة العامة لدور النشر.
قرار الوزير بالخصم من رواتبهم لايبدو كافيا لأنه يتعلق بعملية تواطؤ وربما إهدار للمال العام، وليست المناهج فقط هى التى تشهد هذا التداخل فى المصالح.
وزارة التعليم بسبب هذا التداخل فى المصالح تفقد جزءً من موازنتها الضعيفة أصلا فى عمليات تواطؤ مماثلة تبدأ من المبانى ولاتنتهى بتوريد الكتب للمكتبات فضلا عن كعكة ضخمة اسمها طباعة الكتب المدرسية تمثل كنزا لمطابع ودور نشر تعرف طريقها إلى باطن الوزارة من خلال تجار المصلحة العامة ممن يمررون المصالح مقابل أموال عينية أو نقدية على طريقة خروف نجيب الريحانى، كل هؤلاء يتخطون رادارات الأجهزة الرقابية بطرق يصعب اكتشافها أو التقاطها.
وبالتالى فاكتشاف التلاعب فى تأليف الكتب يستدعى إبلاغ النيابة لكنه يستدعى أيضا دراسة نقاط الضعف التى يمر منها المتلاعبون بأموال التعليم الضعيفة أصلا، وإذا كان الوزير السابق يسرى الجمل أضاع الكثير من الجهد والوقت فى لعبة كادر المعلمين فإن الوزير الحالى عليه وهو يمارس سياسة حاسمة وعنيفة أحيانا ضد المعلمين والنظار والمديرين والموجهين أن يعيد قضية الكادر بصورة حقيقية وليست شكلية، حيث لا يمكن الحديث عن مواجهة الدروس الخصوصية قبل نقل دخول المعلمين إلى مستوى يتجاوز خمس أضعاف ما يحصلون عليه، لأن هيبة المعلم من مظهره وقدرته واكتفاءه بشكل إنسانى، والمعلم هو أساس التعليم وبدونه لايمكن الحديث عن إصلاح حقيقى للتعليم، وإذا كان الوزير يطالب بالالتزام، فعليه أن يعيد قضية المعلمين إلى السطح ويدافع عن حقهم فى دخل محترم، حتى يمكنه محاسبتهم.
وربما كانت عملية ضبط تداخل المصالح وشيوع نظرية "نفعنى واستنفع" فى المبانى والكتب والتوريدات، يمكن أن توفر من موازنة التعليم مليارات تهدر ويمكن أن تكفى لرفع مستوى المعلمين.
نعلم أن إصلاح التعليم لا يأتى بالقطعة وإنه ليس مسئولية وزير بل مسئولية نظام، لكن هناك الكثير من التسيب يتجاوز التواطؤ فى تأليف الكتب، إلى نهب تمارسه مدارس خاصة، وأحيانا مدارس تتعامل على أنها ليست خاضعة لقوانين الدولة، تفرض إتاوات تحت مسميات مختلفة، وبعضها يحصل على حماية من داخل وزارة التعليم التى تكونت فيها خلال السنوات الماضية تكتلات مصالح تمتد مثل مواسير الصرف تحت الأرض، كل هذه الملفات تحتاج للفتح والشجاعة، لأنها تحمل أكثر من مفاجأة.
فهل يستطيع الوزير أحمد زكى بدر فعل ذلك؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة