تعليقا على ما كتبته بتاريخ 6 مارس الماضى "من يقاضى القضاة؟"، كتب قاض بمجلس الدولة تعليقا محترما، للأسف لم يذكر اسمه، يستحق المناقشة، فهو تعبير عن قطاع من القضاة، ليس فقط فى مجلس الدولة الذى رفض تعيين القاضيات، ولكن فى كل مؤسسات القضاء.
بداية لابد من التأكيد أن الاختلاف مع هذا القرار الظالم، لا يعنى كما قال القاضى الكريم، استعداء كافة طوائف المجتمع على القضاة، ولكننا نمارس حقنا الطبيعى فى التعبير عن رأينا، بكل الاحترام للقضاة، وبما لا يمس استقلال القضاء. فمن حق المجتمع مراقبة وتصويب أداء العاملين فى كل مؤسسات الدولة، لو كان هناك خطأ، فهذه المؤسسات ملك للمصريين. وليسمح لى القاضى الجليل أن أعيد جملة صديقى الكبير نجاد البرعى المحامى، أن هناك فارقا كبيرا بين "استقلال القضاء" و"الاستقلال بالقضاء".
الحجة الأساسية التى قالها القاضى الكريم، أن فكرة المساواة المطلقة بين الجنسين لا محل لها فى الدستور أو القانون وإنما المساواة النسبية هى المعول عليه، وبالتالى فلا مخالفة دستورية فى حظر بعض الوظائف على أحد الجنسين، لاعتبارات حسن تسيير المرفق العام، أى لاعتبارات المصلحة العامة.
ويضرب أمثلة من نوع رفض قبول طالبة بكلية الشرطة أو الكلية الحربية، أو رفض تعيين سيدة فى وظيفة سائق قطار، والفرض العكسى هو رفض قيد طالب بكلية التمريض، فبماذا يحكم القاضى؟
المشكلة فيما قاله القاضى الجليل، أنه يتجاهل أن القانون والدستور أقر المساواة المطلقة فى تولى الوظائف، والمبررات التى ساقها مبنية على رأيه الشخصى فى أن هناك أعمالا للرجال وأخرى للنساء، أى أنه استبدل معيار الكفاءة الذى ينطبق على كل المصريين أيا كان جنسهم، بمعيار مبنى على ثقافته وتفسيراته الدينية.
أظن أن القاضى الكريم سيوافقنى على أنه ليس من حقه هو وزملائه، أن يحدد معايير "حسن تسيير المرفق العام، اعتبارات المصلحة العامة"، بناء على النوع. فى حين أن مشرع الدستور والقوانين اختار معيار الكفاءة، ولذلك لم يذكر النوع إطلاقا. ثم أنه لو افترضنا أن ما قاله صحيحا أن كافة دول العالم ومنها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبى تفعل ذلك، فهذا لا يعنى أن نسير وراءهم، وننتهك الدستور والقانون والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
أليس كذلك؟!
موضوعات متعلقة:
من يقاضى القضاة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة