فى لقاء لى مع السفير السابق والمفكر والكاتب المتألق حسين أحمد أمين، قال إنه يعتبر أن شقيقه الدكتور جلال أمين والمستشار طارق البشرى هما أعظم مفكرين فى مصر، كان ذلك على ما أذكر فى نهاية الثمانينات أو مطلع التسعينات من القرن الماضى، وكنت وقتئذ، أجرى بعض اللقاءات الموسعة مع مفكرين وسياسيين ومثقفين ومبدعين عن الجانب الآخر فى حياتهم، وكنت أبدأ مع كل شخصية من بدء تكوينه، وأمدتنى هذه اللقاءات بحصيلة وافرة من المعرفة الإنسانية لعدد من الشخصيات التى هى نجوم متلألئة فى مجالها، وكان من بين هؤلاء المفكرين الكبيرين والشقيقين الدكتور جلال أمين والسفير حسين أحمد أمين.
ترددت على المفكرين جلال وحسين فى منزل كل منهما، وتحمست ذات مرة للبحث فى موضوع حول، هل يمكن أن يمتد الاهتمام بالمجال الواحد فى الأسرة الواحدة من جيل إلى جيل لأسباب وراثية؟، بمعنى أن المفكر أو الأديب أو الكاتب أو السياسى أو الرياضى هل من الممكن أن يكون ابنه مفكرا أو أديبا أو كاتبا أو رياضيا لأسباب وراثية، وبلغ انشغالى بهذه القضية حدا كبيرا، رصدت فيه العائلات التى تميزت من الجد إلى الأب ثم الابن بهذا الأمر، وأذكر أننى ذهبت إلى الطبيب النفسى الكبير الراحل الدكتور عادل صادق لسؤاله عن هذه المسألة، ومازلت احتفظ بإجابات هذا العالم المحترم حتى الآن والتى كتبها لى بقلم أحمر.
كنت أذهب إلى شخصيات من عائلات تدخل فى رصد ما أبحث عنه، ومنها عائلة المفكر الرائد الراحل أحمد أمين، وأتذكر أن الدكتور جلال زودنى بتليفون لأسرة شقيقه حافظ وكان قد توفى، لاستكمال رصد ظاهرة اهتمام العائلة بقضايا الفكر مع اختلاف نوع الفكر الذى يهتم به كل من سار من الأبناء على درب الوالد، وذلك حتى أتوصل إلى إجابة شافية لما أبحث عنه.
فى هذه اللقاءات سمعت شهادة السفير والمفكر حسين فى حق شقيقه الدكتور جلال بأنه أعظم مفكر فى مصر، وكان حظى الحسن أننى ترددت على الدكتور جلال أمين كثيرا طوال السنوات السابقة، إما فى لقاءات صحفية أو غيرها، وحدث ذلك فى منزله بالمعادى أكثر من مرة، وفى مقر عمله أستاذاً بالجامعة الأمريكية مرات أخرى، وأصبحت ممن لديهم خبرة بشفرته الإبداعية فى شتى مجالات الإبداع التى تميز فيها فى جوانب العلوم الإنسانية، وبالإضافة إلى ذلك كنت على شغف دائم لمعرفة كيف امتدت رحلة التألق الفكرى من الأب إلى ولديه حسين وجلال، وأصبحت ممن يمكن تصنيفهم بالمهتمين بتاريخ عائلة أحمد أمين، تلك العائلة التى أعطت للفكر الإسلامى شخصية بقيمة وعظمة أحمد أمين، وللفكر الإنسانى بكل مشتملاته شخصية مثل جلال وشخصية مثل حسين.
أقول ذلك بعد أن انتهيت من قراءة كتاب "رحيق العمر" للدكتور جلال أمين الصادر عن دار الشروق، وهو الكتاب الذى يمكن تصنيفه على أنه الجزء الثانى من السيرة الذاتية للدكتور جلال، وذلك بعد نحو ما يقرب من أربعة أعوام على إصداره سيرته: "ماذا علمتنى الحياة" من دار لشروق أيضا.. فماذا فى هذه السيرة؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة