ذكرت فى مقال الأمس أن السفير السابق والمفكر حسين أحمد أمين قال لى، إنه يعتبر أن شقيقه جلال والمستشار طارق البشرى هما أعظم مفكرين فى مصر، وأذكر أننى قلت ذلك فى حينه إلى الدكتور جلال الذى أثنى كثيرا على شقيقه كقيمة فكرية عظيمة وعدد جوانب من شمائل حسين عليه، وقال بتواضع العلماء: "يمكن يكون حسين مزودها شوية"، فقلت له، ولم لا يكون ما قاله حقيقة؟!
وذات مرة كتب حسين مقالا رائعا على صفحة كاملة فى جريدة الدستور فى إصدارها الأول، كان يصف فيه ثلاثة مشاهد عاشها فى أيام متتالية أظهرت مصر على حقيقتها، أذكر منه مشهدين، الأول كان يتحدث فيه عن حفل استقبال رأى فيه مثقفين ومفكرين بدون أقنعة، رآهم عكس ما يتحدثون إلى عامة الناس، رأى منهم الشاعر الطاووس الذى كان يتعامل وقتئذ على أن منصب وزير الثقافة على بعد خطوة واحدة منه، ورأى أدباء ومفكرين تحلقوا حول الأميرة العربية الكويتية سعاد الصباح وقت أن جاءت إلى القاهرة لإنشاء دار فكر ونشر.
فى مقابل هذا المشهد يحكى حسين عن أنه سافر إلى شقيقه الذى يمتلك قطعة أرض نحو 14 فدانا فى قرية بالمنوفية، ولفت نظره حالة القناعة التى يعيش فيها الخفير وزوجته مع أطفالهم، ورغم أن الراتب الذى يتقاضونه قليلا إلا أن الزوجة تتفنن فى العيش به فى ستر وأمان، مما دفع حسين أحمد أمين أن يسألها عن كيف تدبر حياتها وتعيش بكل هذا الرضا.
كان مقالا رائعا من حسين أحمد أمين، ولما قادتنى الصدفة وقتها أن التقى بالدكتور جلال فى ندوة، تحدثت إليه عنه مبديا إعجابى الشديد به فشدد على أن أنقل هذا الرأى إلى شقيقه حسين، لكنى أهملت ذلك حتى جاء حفل للصديق حمدين صباحى فى النادى النهرى للصحفيين نظمه مجموعة من أصدقائه بمناسبة الإفراج عنه بعد اعتقاله بسبب تضامنه مع الفلاحين الذين احتجوا على بدء تنفيذ قانون إلغاء الإيجارات الدائمة فى الأراضى الزراعية، وكان الدكتور جلال والسفير حسين ضمن الحاضرين، وحين ذهبت لتحيتهما، عاتبنى الدكتور جلال ضاحكا: "ليه ما قلتش لحسين الكلام اللى أنت قلته لى عن مقاله"، قلت: "جئت الآن لأقول له أكثر مما قلته لك"، ضحكنا، وكانت اللفتة من الدكتور جلال تحمل دلالة بالغة منه فى التقدير لشقيقه، وهو ما وجدته فيما بعد فى سيرته: "ماذا علمتنى الحياة؟"، ووجدتها أكثر فى كتابه "رحيق العمر" الصادرة عن دار الشروق وهى الجزء الثانى من نفس السيرة رغم أنها لا تحمل تصنيف "الجزء الثانى".
أول لفتة تقدير ومحبة من جلال لحسين نقرأها فى الإهداء: "إلى أخى العزيز حسين أحمد أمين.. عرفانا بجمائله التى تظهر فى صفحة بعد أخرى من هذا الكتاب، واستكمالا لمراسلات بيننا استمرت أكثر من نصف قرن".
هذا هو نص الإهداء، لكن ماذا يحمل الكتاب حوله، وحول قضايا أخرى؟
البحث عن عائلة أحمد أمين فى رحيق العمر(1)
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة