افرح.. الصورة فعلاً حلوة.. صورة البرادعى وهو يتوسط مثقفى مصر، يضحك معهم ويسألونه، يتحدثون إليه، وينصت إليهم، يناديهم بأسمائهم فيحبنونه ويحترمهم، وعندما يشعر فعلاً أنه وسط مجموعة من أبهى عقول مصر وكتابها ومثقفيها يقول "أنا برضه بكتب زيكم".
تخيلت مبدعى مصر ومثقفيها وهم فى الطريق إلى البرادعى، أصلان يدندن بأغنية ع الحلوة والمرة مش كنَّا متواعدين، ويمتزج ببطل روايته "مالك الحزين" الذى أصبح الشيخ حسنى فى فيلم الكيت كات المأخوذ عن روايته، تخيلت أصلان يقول: هُما مفكرنى أعمى ولا إيه؟ والله دى ناس هابلة، أنا كنت بس عامل أعمى عشان هما كانوا مُصرِّين يستعمونى، لكن خلاص، أنا مش هعمل أعمى تانى، وأدينى رايح للبرادعى برجلى عشان يتأكدوا أنى خلاص فتحت.
تخيلت إبراهيم عبد المجيد وهو يأمل فى أن تعود إسكندرية كما كتب عنها فى "لا أحد ينام فى الإسكندرية" مبهرةٌ وعفيةٌ وندية، تخيلت رؤوف مسعد وكأنه هاربًا للتو من المعتقل مهرولاً نحو فيلا البرادعى، تخيلت عزت القمحاوى شاكيًا للبرادعى من كثرة الأسوار فى القاهرة اللى خنقته، ومن ملل التشريفات فى شوارع العاصمة، قائلاً: هما مفكرين إن دى بلدهم لوحدهم ولا إيه؟، تخيلت الأسوانى حاملاً شكوى من بطلته "التى قامت بدورها هند صبرى فى فيلم يعقوبيان، وهو يقول: شوف الفقر والجوع وصلوها لإيه؟ تخيلت الفنان أحمد اللباد وهو يفكر فى تصميم شعار الجمهورية المنتظر، محدثًا نفسه: وفيها إيه لما أعمل الشعار منَّا اللى غيرت شكل الكتاب فى مصر؟!.
تخيلت محمد هاشم صاحب دار ميرت وهو يقول للبرادعى: أنا عمرى ما مشيت فى موكب رئيس جمهورية إلا موكب الملك رمسيس لما ودوه المتحف الكبير، وكنت فرحان وهو ماشى فى قصر النيل عشان الراجل ده حافظ على كرامة مصر، وكمان عمرى ما روحت لمرشح رئاسة إلاَّ أنتْ، تخيلت عادى السيوى وهو يرسم لوحته ويضع فيها هذه المجموعة، تخيلت المخرج مجدى أحمد على وهو يحضر خلطة أحلام جديدة على غرار فيلمه الراقى "خلطة فوزية"، تخيلت عزة بلبع وهى تعتزل أغانى الشيخ إمام وتغنى أشعارًا أكثر تفاؤلاً وامتلاءً بالحياة.
تخيلت رامى يحى وهو يقول: هى دى الفيلا اللى كانوا بيقولوا إنها قصر دى صغيرة أوي، بس الحمد لله أدينى شوفت حمام سباحة بعينى قبل ما أموت، تخيلت جمال بخيت وهو يقول: أنا أسف كتبت قبل ما تيجى "مش باقى منى غير شوية هم" ونسيت أكتب أن فيه لسه شوية أمل، تخيلت عمار على حسن وهو يفكر فى تغيير أحداث روايته الجديدة ليجعلها أكثر بهجة، تخيلت محمد خير يحكى تفاصيل هذا اللقاء وكواليسه لأصدقائه على مقهى "التكعيبة" تمهيدًا لحكيه لأولاده فى المستقبل، تخيلت إيهاب عبد الحميد يراهن حمدى أبو جُليل على أن البرادعى لم يقرأ رواية "الفاعل" لحمدى وقرأ "عشاق خابون" التى كتبها عبد الحميد وحصل عنها على جائزة ساويرس، تخيلت محمد بدوى وهو يراجع نظرية جرامشى عن المثقف العضوى ليطبقها على الحاضرين، ويقول جرامشى كان عايزنا نعمل كده بالظبط، تخيلت أحمد العايدى يؤنب نفسه لأنه لم "يخاوي"روايته" أن تكون عباس العبد" برواية ثانية ويقول أنا لازم أبطل كسل، تخيلت محمود الوردانى يتحسر على جريدة "البديل" التى كان أحد صناعها ويقول لو كانت البديل لسه بتطلع كانت الصورة دى بقت صفحة أولى، تخيلت مجدى الشافعى وهو يقول فيها إيه يعنى لما يصادروا روايتى "مترو" أهو برضة مصادرتهم للروايات فضحتهم وفضحت خوفهم من الإبداع.
فى هذا الجو الحماسى الشريف تذكرت أغنية الشيخ أمام والشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم التى يقول فيها "رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني" ولما وجدت وصف "التلامذة" لا يليق مع هؤلاء المبدعين المثقفين الواعين اعتذرت لـ "أبو النجوم" ودندنت بأغنيته بعد تحريفها هكذا "رجعوا الأساتذة" يا عم حمزة للجِّد تاني/ يا مصر وأنتى اللى باقية وأنتى قطف الأمانى/ لا كورة نفعت/ ولا أونطة/ ولا المناقشة وجدل بيزنطة / ولا الصحافة والصحفجية / شاغلين شبابنا عن القضيـــة / قيمولنا صهبة يا صهبجية/ ودوقونا طعم الأغانى/ رجعو "الأساتذة للجد تـــــــانى".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة