إنت جاية تشتغلى هنا إيه؟ تلك العبارة التى خلدتها العبقرية مارى منيب، يمكنك أن تستخدمها وأنت مرتاح حينما تواجه أغلب السادة المسؤلين فى مصر، وعلى فكرة هتضحك برضه، لأن إجابات السادة المسؤلين هتكون مضحكة، بقدر ما كان الحداد مضحكا وهو يرد على مارى منيب فى المسرحية الشهيرة.. بالأمس تكلمنا عن نماذج لسادة وزراء ومسئولين وأصحاب مناصب على الفاضى.. وفى السطور القادمة سنستكمل الكلام عن هؤلاء الذين تغدو مواكبهم فى الشوارع رايحة جاية، دون أن تستفيد منهم الدولة بشىء، حتى ولو كان مقابل حق البنزين فقط، مئات المسئولين لن تكتشف فارقا كبيرا بين وجودهم وعدمه، مجموعة ساهمت العشوائية والصدفة فى استتباع أسمائهم بالعديد من الألقاب الوظيفية الهامة، بداية من الوزير حتى رئيس المجلس فلان الفلانى، عدد من المسئولين الذين جاءت سيرتهم الذاتية مطابقة للمواصفات القياسية، التى وضعها النظام لرجاله فأصبح وجودهم ضروريا داخل الهيكل التنظيمى لجهاز الدولة بناء على كتالوج المواصفات، وليس على حجم استفادة الدولة منهم ومن مناصبهم، بعضهم خدم السلطة كثيرا، وحينما أحبت أن تثبت وفاءها اخترعت مناصب للإبقاء عليهم فى الصورة، فأصبحوا بلا فائدة تماما، بل تحولوا إلى عبء يرهق ميزانية الدولة، وبعضهم ساهم بضعفه وضعف مؤهلاته فى تحويل منصبه إلى مجرد كرسى يضر أكثر بما يفيد، مثل حسين مجاور وحسن صقر وغيرهم عشرات، ومثل هذا السيد أحمد أبو الغيط الذى ينتمى لنوعية الذين يأخذون المنصب ويسقطون بهيبته وأهميته إلى سابع أرض.
أبو الغيط ليس فقط بلا فائدة، بل جعل وزارة الخارجية بلا أهمية، وشكل بوزارته عبئًا كان كفيلا بتشويه صورة النظام، ومصر كلها خلال أزمة غزة، بل تفوق على نفسه حينما أكد للجميع أنه لو لم يكن لمصر وزير خارجية من الأصل لكان أفضل لها.
لم ينجح فى الدفاع عن المصريين فى الخارج، تكررت فى عهده حوادث سجن المصريين فى السعودية وإهانتهم، ولم يتحرك، شهد عهده أعنف مظاهرات تتعرض للسفارات المصرية بالخارج، احتضن يد ليفنى فى تصرف دبلوماسى ساذج، قد لا يفعله طالب ابتدائى، وواصل دبلوماسيته الساذجة حينما صرح بأنه سيقطع رجل أى فلسطينى يقترب من الحدود، فى تحد سافر لمشاعر المصريين، وفى تصريح اجتمعت كل كتب الدنيا وخبراؤها على أنه من المستحيل أن يصدر من رجل.. يقال عنه أنه دبلوماسى.
وعندك الدكتور عثمان محمد عثمان الذى "يتلخبط" الكل فى اسمه، وينطقه على أنه الراحل عثمان أحمد عثمان، أو يتخيلك تتحدث عن أحد رؤساء النادى الإسماعيلى السابقين، إن كان من سمع الاسم ذا خلفية رياضية، الوزير عثمان محمد عثمان، عرفه الناس كوالد المتهم بهاء عثمان شريك نصاب مدينة نصر أكثر مما عرفوه كوزير للتنمية الاقتصادية، لأن الناس لا يؤمنون بدور الوزارة التى يتوقف دورها عند إصدار التقارير، وإطلاق التصريحات المطمئنة.
هذا هو ما فعله الوزير عثمان منذ حل ضيفا على وزارة صنعتها الصدفة، أو حب العزوة كما نقول، مشكلة الوزير عثمان ليست فقط فى أنه بلا فائدة لجهاز الدولة، ولكنها تكمن فيما يمثله للدولة من عبء وما يسببه لها من إحراج بسبب تصريحاته التى تشبه كثيرا برنامج الكاميرا الخفية، ولكنها من إنتاج وزارة التنمية الاقتصادية.. وإليك بعضاً من حلقاتها.. من أهم تقارير الوزارة التى تكلف خزانة الدولة هذا الكم الهائل من المرتبات، ومصاريف سيادة الوزير وموكبه، هو التقرير الذى بشر به الوزير الشعب فى أحد تصريحاته قائلا: "إن 12% ممن كانوا فقراء عام 2005، صعدوا فوق خط الفقر، معتبراً أن المواطن الذى يصل دخله الشهرى فى 2008 إلى 167 جنيها لا يعد فقيراً".. ثم عاد سيادة الوزير ليؤكد أن الدولة أنفقت فى العام الماضى على كل مواطن مصرى مليون ومائة وسبعة وخمسين ألف دولار، ثم جاء يفخر بإنتاج وزارته من التقارير والخطط، بخطة التنمية للعام الإقتصادى الجديد ( 2008 - 2009 )، وقال إن دخل الفرد سيرتفع بمعدل %2ر5 وأن معدل التضخم سينخفض بحيث لن يزيد أبداً أبداً عن %7، كما تتضمن الخطة خفض معدل النمو السكانى إلى أقل من % 1.9.
وزيادة العمر المتوقع للإنسان المصرى ليصبح المتوسط هو 71 عاماً للرجال و 74 عاماً للنساء وأرجع هذا إلى تحسن الخدمات الصحية وانخفاض معدلات التلوث فى مصر، كما تنبأ سيادته بزيادة متوسط استهلاك الفرد من الطاقة و مياه الشرب.. مع توفير 850 ألف فرصة عمل .. هل أدركت الآن فائدة الوزير عثمان ووزارته للتنمية الاقتصادية؟.. أنا أدركت.. أنه، وبلا شك، ملطف للجو العام.
وأيضا السيدة عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة، رغم أنهم تقريبا ومنذ زمن، لم يعد هناك أحد ينتظر خطابات القوى العاملة، إما بسبب البريد وبطئه، أو بسبب الدولة التى جابت من الآخر، وطلبت من المواطنين ألا يعلقوا آمالا كبرى على هذا الجواب.. لأنه لن يأتى، ماذا تفعل إذن السيدة عائشة عبد الهادى ووزارتها؟.. أقولك أنا هى بطلة الفضيحة الكبرى المعروفة بعنوان إرسال بنات مصر للعمل كخادمات فى السعودية، وهى صاحبة أكبر سجل شكاوى وقع عليه أغلب عمال مصر فى مختلف المجالات، تحت إشرافها تعرض عمال مصر للطرد والإهانة والسجن، وسرقة حقوقهم، ثم بعد كل ذلك لا تعترف بحقهم فى الاعتصام.
وفى القائمة أيضا يوجد السيد بطرس غالى الكبير رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى شهدت سنوات ما عقب إنشائه أعلى معدلات للتعذيب فى السجون، وللاعتقالات غير المسببة، وللسجن والضرب واغتصاب البنات فى المظاهرات.. هل تريد للدكتور بطرس غالى فائدة بعد كل هذا، الرجل بدون المجلس والمنصب فائدته، كانت ستكون أكبر للوطن كواحد من المفكرين الكبار، وشاهد أصيل على عصور هامة وأحداث مهمة فى تاريخ مصر، ولكنه بالمجلس وبالمنصب تحول إلى جزء من ديكور يخاطب الغرب، ويحلف للمنظمات الدولية بأن مصر والله دولة كويسة حتى فيها مجلس لحقوق الإنسان.
الرجل نفسه اعترف أن مجلسه استشارى وغير ملزم، وأن إنشاءه عمل إيجابى فى حد ذاته، بمعنى آخر لحد هنا وكفاية ولا تنظروا منا فائدة أو خيرا فى القريب العاجل أو حتى غير العاجل.
ثم يأتى السيد هانى هلال وزير التعليم العالى الذى لم يقدم منذ توليه المنصب أى شىء سوى المزيد من المشاكل والتصريحات والمشروعات المفتكسة التى سرعان ما يتراجع عنها، لم يفلح فى أن "يزق" أى جامعة مصرية ضمن صفوف أفضل 500 جامعة فى العالم، ولم ينجح فى حماية طلاب جامعاته من قسوة الأمن وتحكمات أمن الدولة، ونجح بجدارة فى قتل إتحاد الطلبة والإجهاز على ما تبقى فيه من روح، أما عن البحث العلمى، الجزء الثانى فى وزارته فهو يؤكد دائما أن البحث العلمى بخير، بينما كل الأساتذة يؤكدون العكس، حتى الصحف تقول غير ذلك، حينما تنشر قصصا لباحثين يعملون بميزانية لا تتعدى الخمسين جنيها.
الوزير الهمام فشل فى التعامل مع أساتذة الجامعة، كما فشل فى التعامل مع الطلاب، واكتفى بافتكاس مشروعا جديدا كلما "زنقه" صحفى أو طالب بسؤال فى أحد المؤتمرات، ففى مرة يقول على استعداد لإغلاق كليات كاملة، أو أقسام منها إذا ما وجد أنه لا مكان لخريجى تلك الكلية أو القسم فى سوق العمل بعد التخرج، ومرة أخرى يؤكد أنه لن تتم زيادة أعداد المقبولين بالجامعات إلا وفق احتياجات الكليات المختلفة.. ومع ذلك لا يتحقق أى شىء على أرض الواقع، إلا فى المعارك التافهة التى يخوضها مثلما فعل فى أزمة تأجيل بدء العام الدراسى بعد رمضان، ودخل فى معركة مع الطلاب وأولياء الأمور وقال لهم: "لو سألتكوا تحبوا العام الدراسى يبقى 32 أسبوعاً ولا عشرة أسابيع هتقولوا عشرة أسابيع".. شفت الجمال وسرعة البديهة والاعتراف بسوء حال الدراسة والكليات لدرجة جعلت الطلاب يهربون منها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة