عجباً على بلاد تدور فيها المعارك وتتضخم ثم تنفجر بلا حياء ولا يتوقف أحد أمام أصل المعارك، وبتعبير آخر أمّ المعارك.. وأمّ المعارك الآن تدور فى صحف مصر ولبنان والإنترنت بين العمْرين، عمرو دياب المطرب الشهير وعمرو عفيفى رجل الإعلان والإعلام القوى، فبعد فترة من العسل بينهما أتى البصل بكل رائحته النفاذة الكريهة.
عمرو دياب أشهر اسم فى عالم الطرب الذى استطاع البقاء نجماً لمدة تزيد على ربع القرن، حتى لو اختلفنا فى تقييمنا حول فنه يظل بقاؤه على القمة طوال هذه الفترة تأكيدا لقبول جمهور وذكاء يحسب له.
أما عمرو عفيفى فهو نجم أيضاً ولكن فى عالم الإعلان، بزغ نجمه منذ فترة، والإعلان الآن يحرك الإعلام والفن، فالقيمة المضافة للاثنين تأتى من أسماء الشركات والمعلنين المقبلين على اسم النجمة أو النجم، فكلما استطاع هذا، أو تلك، اجتذاب معلنين على برامجه أو مسلسلاته أو أفلامه أو أغانيه صارت له السطوة والنجومية، وبغض النظر عن تقييمنا لهذا المعيار الذى أفسد المجالين، فإن واقع الحال هو كذلك ولست هنا فى مجال تقييم هذه المعضلة.
المهم أن النجمين جمعتهما المصلحة فكل منهما كان فى احتياج للآخر، وكما سبق أن ذكرت عاشا فى شهور العسل أو سنينه. ولكن فجأة تقاطعت المصالح، شىء عادى جداً يحدث فى كل العلاقات التجارية أو الفنية أو حتى الزوجية.. فمن ذا يهتم بعلاقة نجم بشركة إنتاج وإعلان؟ فقط المتخصصون فى المهنة أو حتى المنافسون.
ولكن خلاف عمرو دياب وعفيفى تحول إلى اهتمام جماهيرى عبر الإنترنت والصحافة وحتى هذا لم يكن ليدفعنى للتوقف أمامه.. فكم من خلافات سياسية أو فنية أو غيرها لا قيمة لها وتأخذ حيزاً من الاهتمام الجماهيرى والإعلامى وهى غير مستحقة مثل خلاف شوبير ومرتضى.
موقع اهتمامى هو حالة البجاحة التى تغلف خلافاتنا الآن فى المجتمع المصرى حتى أصبح المنطق السليم للأشياء مقلوباً. السيد عمرو عفيفى خرج على الناس بعد خلافه مع عمرو دياب يقول إنه كان يدفع ثمن جوائز النجم من جيبه الخاص، وأبرز ما يؤكد مزاعمه من فواتير تحصيل بنكية، وراح يكيل له الاتهامات والفضائح فخرجت جماهير غفيرة من كل صوب وحدب تدافع عن نجمها المحبب وأصابع عمرو دياب تدير المعركة وتكيل الاتهامات لعمرو عفيفى.
وفى خضم كل ذلك نسى المتعاركون أنها معركة تدين المتهم والشاكى معاً، أنا بالتأكيد، حتى لا يساء فهمى، أقولها واضحة، أنا لا أدافع عن عمرو دياب.. ولكنى متعجبة، فالسيد عمرو عفيفى يعلن أنه دفع رشوة لكى يعطى عمرو دياب الميوزيك أوورد العربية، جائزة كانت ومازالت محترمة حتى الآن فى العالم ولكنها منذ أن أضيف إليها عبارة «عربية» صارت جائزة مشبوهة سيئة السمعة. لم نصم كل شىء يوضع فى أيدينا وكأننا طاعون منتشر؟ لم أفسدنا جائزة كانت محترمة تقيم المطربين حسب المبيعات والإقبال الجماهيرى؟!
احترفنا التزوير فى السياسة فصارت كل استفتاءاتنا ودراساتنا وآرائنا وحتى جوائزنا مزورة.
والشىء بالشىء يذكر فهناك أيضا فضيحة جائزة البوكر العربية فى الأدب والتى انفجرت مؤخراً تؤكد مزاعمى، فجائزة البوكر إنجليزية الأصل من أكثر الجوائز الأدبية قيمة فى العالم، كل دول العالم الثالث دخلت فيها متنافسة مثل سيريلانكا ودول أمريكا اللاتينية وغيرها ولم تحدث فيها ولو لمرة واحدة فضيحة، إلا حين أضيف إليها كلمة عربية منذ ثلاثة أعوام فقط ظهرت النسخة الأولى منها محترمة بلا مشاكل حين فاز بها بهاء طاهر، ولكن فى عامها الثانى لم تستطع أن تصمد إلا قليلاً، ثم أخيراً أتى العام الثالث فانتشرت الفضائح على الشرفات، خرج من يقول إن الرواية السعودية «ترمى بشرر» فازت لأن الكويت كانت تترأس لجنة التحكيم وأرادت أن تجامل السعودية وأن الرواية لا تستحق حتى الطباعة وأشياء من هذا القبيل، المهم فضيحة.. فما أسعدنا بها.
وعودة إلى الميوزيك أوورد العربية التى انتشرت فضائحها أيضاً منذ سنوات حين خرج الجاسمى يؤكد أنه رفض الدفع، وغيره من نجوم الطرب فضحوا الدنيا. إذن نحن مدمنو تزوير وفضائح خلاص عرفنا، ولكن أن نصل إلى حالة البجاحة حين يعترف المنتج والمشارك فى الرشوة بأنه دفع لينال نجمه البركة ثم يتصور أنه بذلك يفضحه دون نفسه، هذه هى أخلاق البجاحة أما أن ترد جماهير عمرو دياب أو عمرو نفسه بأنه المستحق الوحيد للجائزة لأنه الأهم فهو تأكيد لغباء وبجاحة أكبر، فيا جماهير عمرو دياب أينما كنتم ويا دياب هل نتقاتل ونتفاخر بالسرقة والتزوير؟!.
ألم يسمع العمْران بعبارة تقول «إذا بليتم فاستتروا»؟! يبدو أنهما لم يسمعا بها أو أننا أصبحنا فى زمن تقطيع الهدوم حتى لو كانت ستكشف عوراتنا، الجنازة حارة والميت الميوزيك أوورد والكلاب تعوى.