للأسف تكاد تكون هذه هى حقيقة الوضع فى مصر، جماهير تخوض وحدها نضالا مشروعا من أجل حقوقها الاقتصادية وحقوقها التنظيمية، ونخبة سياسية معظمها، إن لم يكن كلها، مشغولة بمعارك أخرى، على أهميتها، فهى مستحيلة التحقيق، لأنها غير مرتبطة بقوى اجتماعية.النتيجة أننا ندور فى حلقة تكاد تكون مفرغة.
فما هى الأسباب؟
كثيرة، أولها أن النخبة السياسية المعارضة لا تتعلم من الدروس، فقد حققت فشلا ذريعا على امتداد سنوات، ولم تشكل قوة ضغط حقيقية للوصول إلى أهدافها. ودعنى أعطيك مثالا، ففى نهاية عام 2004 تأسست حركة كفاية، والتى لعبت دورا مهما فى الزحم السياسى، فرفعت شعارات جذابة، وكانت أساليب احتجاجها مبتكرة، صحيح أنها لم تصل إلى قطاعات شعبية، ولكنها نجحت فى لم شتات قطاع لا يستهان به من النخبة السياسية والثقافية.. ولكنها للأسف لم تطور خطابها، وتنقله من خانة"لا للتمديد.. لا للتوريث"، إلى قضايا جماهيرية، وهذا ما جعلها تنعزل تدريجيا، ومثل تجارب سابقة، وخاصة فى الأحزاب التى تفتت بفعل صراعات داخلية عنيفة، ساعد عليها أن معظم القائمين عليها تعاملوا بذات المنطق السائد فى الأحزاب والقوى السياسية التى تمردوا عليها.. وكانت النتيجة موت هذه الحركة النبيلة.
وهو ما يتكرر الآن عبر الجمعية الوطنية للتغيير التى يقودها الدكتور محمد البرادعى، المرشح المحتمل للرئاسة، فأشواق الرغبة فى التغيير حقيقية، ولكنهم يطرحون ذات الخطاب السياسى، الذى تطرحه القوى المعارضة على امتداد العشر سنوات الماضية، خطاب فشل فى أن يربط بين المطالب السياسية العامة، وبين المطالب السياسية للمصريين على الأرض.
تستخدم الجمعية ذات الآليات، تجميع لشتات سياسيين من مشارب مختلفة، ومثقفين لديهم أشواق حقيقية للتغيير، لكن دون آليات واضحة، ودون محاولة التحام حقيقى بقوى اجتماعية لها "راس من رجلين".. ولذلك لن تجدهم مشغولين مثلا بالمساهمة الحقيقية فى حرية التنظيم النقابي، رغم أن قطاعات ليست قليلة تحاول أن تفعل ذلك الآن.
صحيح أن وجود البرادعى منح زخما، ولكنه زخم زائل مثل حركة كفاية.. إنهم سياسيون بلا جماهير .. والجماهير التى تخوض معركة التغيير على الأرض تبحث عن سياسيين حقيقيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة