لست من المنزعجين بسبب تأسيس نقابة للإعلاميين التى تم الإعلان عنها منذ عدة أيام فى كلية الإعلام، وأسبابى كثيرة، أولها أن لدينا فئات من الصحفيين لا تشملها أى حماية نقابية، منهم على سبيل المثال الزملاء الذين يعملون فى المواقع الإلكترونية وفى الفضائيات، وأضف عليها المدونات ذات الطابع الصحفى.
السبب الثانى، أن قانون نقابة الصحفيين الذى صدر عام 1970 لا يعترف بكل الوسائط الإعلامية الجديدة، لأنها ببساطة لم تكن موجودة فى ذلك الزمان، حيث كان الموجود فقط هو الصحافة المطبوعة ووكالات الأنباء وتسببت الأعراف الفاسدة فى القيد لحرمان زملاء من أى حماية رغم أنهم يعملون فى الصحافة الورقية والوكالات، والسبب أنهم لا يملكون عقود عمل.
لكن نقابة الإعلاميين لن تنجح لو فعلت مثل باقى النقابات المهنية واحتكرت الترخيص بالعمل، لأنها بذلك ستخلق صراعا بين العاملين فى المهنة الواحدة، فالذين حصلوا على ترخيص لا يريدون غيرهم فى السوق، وتتحول النقابات إلى كانتونات، ويضيع دورها فى الدفاع عن ممارسى المهنة.
ولذلك فالترخيص بمزاولة المهنة يجب أن تقوم به مؤسسات تابعة للدولة وليس الحكومة.
السبب الثالث، أن الدستور المصرى والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان تقر الحق فى تأسيس النقابات، أى حق التعدد النقابى فى المهنة الواحدة، وبالتالى لا يجب أن تحتكر النقابة الجديدة وحدها الإعلاميين، وتغلق الباب أمام حق الآخرين فى تأسيس نقاباتهم، لأنها لو فعلت ذلك، فهذا يعنى أنها تعيد إنتاج ذات الأخطاء التى حولت النقابات فى بلدنا إلى كيانات هزيلة لا تحمى أعضائها، ولكنها تستغلهم من قبل القائمين عليها.
فالتعدد النقابى لا يعنى التفتيت، ولكنه يعيد الأمور لأصلها وهو أن العضوية فى أى نقابة اختيارية وليست إجبارية. كما أنه يجعل النقابات التى تدافع عن أعضائها تزدهر، والتى لا تفعل ذلك تموت.
ويمكن أن تتوحد النقابات التى تعمل فى مهنة واحدة بإرادتها فى اتحاد.
كما أن حق تأسيس النقابات لا يقتصر فقط على الأجراء، ولكنه حق أيضا لأصحاب الأعمال، حتى توجد كيانات تدافع عن مصالحهم المباشرة، وتخوض تفاوضا سلميا مع اتحادات العاملين لديهم تعيد التوازن المفقود فى توزيع الثروة والسلطة فى بلدنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة