هل تعتقد أن المحاكمات الشعبية التى تعقدها القوى السياسية للحزب الوطنى أو للوزراء مفيدة؟. قبل الإجابة، لابد من رفض التعنت والاعتداءات الأمنية التى تعرض لها بعض المشاركين، ومعهم العديد من الصحفيين من مختلف وسائل الإعلام.
لكنى أظن أن هذا النوع من الأداء حرث فى الماء.الفائدة الوحيدة التى يخلفها هى مادة صحفية مثيرة لكل وسائل الإعلام، ينساها الناس، لأنها لا تقدم اجتهاداً حقيقياً يدفع أى شىء للأمام. بل ودعنى أقول بصراحة أكثر أن المستفيد الوحيد منها هم الذين سيجلسون على المنصة، فهى تمنحهم مزيدا من النجومية، ولكنها فى الوقت ذاته تجعلهم يعيشون شعورا كاذبا بأنهم يستطيعون التغيير.
الحقيقة أن المحاكمات الشعبية هى إحدى تجليات أداء سياسى ضجيجه صاخب، لكن لا أثر له على الأرض. ويؤدى إلى تعميق الفجوة بين هذه النخبة السياسية وبين الناس، فكلاهما له أجندة مختلفة تماماً عن الآخر، بل ولا يعرفان بعضهما البعض، ويتبادلان احتقاراً غير معلن.
دعنى أعطيك مثالا، المعركة التى تخوضها قطاعات كبيرة من المصريين الهدف منهم تحسين شروط الحياة، أى البحث عن أجور أعلى، وهى فى جوهرها نضال لإعادة توزيع الثروة فى البلد، وقد نجحوا إلى حد بعيد فى فرض شروطهم ليس على الحكومة وحدها، ولكن أيضاً على مستثمرين مصريين وعرب وأجانب.
النقلة الثانية هى الانتقال من حرية التعبير إلى حرية التنظيم، أى أن المصريين، بمن فيهم رجل الأعمال، يحاولون الآن بناء تنظيماتهم النقابية المستقلة، ويواجهون معركة صعبة مع السلطة الحاكمة ونقاباتها الرسمية. ويواجهون معركة أصعب مع ثقافة سياسية لدى مؤيدين ومعارضين، لا تريد الاعتراف بحرية التنظيم، ومنه حق التعدد النقابى، رغم أن الدستور المصرى والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتى وقعت عليها الدولة المصرية تكفل هذه الحقوق.
هذه معركة حقيقية، نجح فيها موظفو الضرائب العقارية وتعثر آخرون، وهى غائبة تماما لدى النخبة السياسية المعارضة، أليس الأكثر أهمية من إهدار الطاقة فى «مشتمة وردح» للحزب الوطنى فى نقابة المحامين، مساندة المحتجين أمام مجلس الوزراء والبرلمان؟ أليست المعركة الأهم هى مساعدة المعاقين الذين يتظاهرون أمام محافظة القاهرة لعمل تنظيم نقابى أو جمعية، أو أى كيان يمكنهم من الوصول إلى أهدافهم العادلة؟!.
أظن أن هذه معركة مصيرية، تصنع مؤسسات صلبة تحمى الحرية، لكنها للأسف غير موجودة على أجندة المعارضة، لأنها مشغولة بالتغيير من أعلى رغم أنه حقق فشلاً ذريعاً، وكأنها تريد وراثة الحكم وليس تغيير البلد، ورغم أنه حولهم إلى أفراد محبطين معزولين يحاربون طواحين الهواء.
فهل يسمعون؟
أتمنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة