طبعا.. لم يكن نواب ضرب النار يتصورون أن تصريحاتهم التى دعوا فيها لقتل الشباب بالرصاص، وحاولوا فيها مجاملة الداخلية والحزب الوطنى والحكومة سوف ترتد عليهم وتدفعهم إلى التراجع، لكن هذه آخرة خدمة الغز.
فقد أعلن الحزب الوطنى كسوفه الشديد وخجله البالغ، من نواب ضرب النار، معلنا أنه ليس مع ضرب النار، وحاول الحزب أن يبدو جميلا حقوقيا قانونيا، وقال لا وألف لا.. لا يصح أن نضرب بالنار، ولدينا القفا.
ومع أن الحزب الوطنى هو أبو الطوارئ وابن عم الاستثنائى، فقد أبدى امتعاضا إعلاميا، واشمئناطا سياسيا، من تصريحات العضوين نشأت وعقرب، اللذين تصور كل منهما أنه سوف يحصل على شهادة العصا الذهبية، أو على الأقل شهادة شكر وتقدير لتصريحاته فى الدعوة لضرب المتظاهرين بالنار، لكنهما فوجئا بأن مجلس الشعب عامل نفسه بيحقق فى المقولات مع أنها قيلت علنا وعلى رؤوس الأشهاد، وهو ما وضع النائبين فى "حيص بيص".
تصريحات الحزب المتراجعة وضعت النائبين الضاربين فى موقف لا يحسدان عليه، فاضطرا إلى بعض التقهقر، ورأينا النائب نشأت القصاص يحاول إعادة صياغة كلامه، للإيحاء بأنه لم يكن يقصد ضرب المتظاهرين لا مؤاخذة بالنار، وإنما كان يقصد الخارجين على القانون، الذين هم المتظاهرين.
ومن يسمع كلمة الخارجين على القانون يتصور أن نشأت وعقرب يقصدان لصوص المال العام أو ناهبى أموال الخصخصة أو مسرطنى المصريين أو مسممى المياه أو قتلة المصريين فى القطارات والعبارات والطرقات، لكن النائبين كانا يقصدان الخارجين على قانون سكسونيا المعروف بالطوارئ الموجود منذ القرن الفائت.
وواضح أن فكرة الخروج على القانون تعنى الدخول فيه لدى نواب الوطنى، وطلوع سلالم قانون الطوارئ عن طريق المحور، ونحن نعرف أن السادة نواب الوطنى هم أكثر من يجيد تسلق القوانين من على مواسير الصرف الذى لايصل أصلا إلى مستحقيه، كما أنهم يجيدون النزول تحت الدستور واللعب فى الضمانات الدستورية مثلما فعلوا فى التعديلات المعدلة، وكيف أنهم يحبون الخروج على القانون طالما كان هذا الخروج يتيح لهم فسحة من الوقت وشم الهواء والحصول على المكاسب، أما الدستور فهو يحميهم من شر حاسد ومن شر ناخب، ومن شر أبواب النيابات ومكاتب التحقيقات، ويعشقون الحصانة، التى تمنحهم نعومة الخروج على القانون وعبور المانش الدستورى واللعب فى القوانين بكل وسيلة، وليسألوا نواب القمار والصنف والشيكات والطلمبات.
وعلينا أن نصدق الحزب الوطنى عندما يقول إنه لا يضرب بالنار، طالما امتلك القفا، أو غيره، وكل هذا من أجل اللعب فى الضمانات الدستورية، وتفريغ عجلات الديمقراطية.