شر البلية وشر بعض المسؤولين فى بلدنا ما يضحك إلى درجة الغثيان..!
الطفل المسكين محمود ابن العشر سنوات راح ضحية الإهمال والفوضى والاستهتار بأرواح الغلابة والفقراء فى مصر.
سقط محمود من أيدى أمه فى حفرة أثناء عبورها للجزيرة الوسطى فوق كوبرى الساحل فى طريقها فجراً إلى المستشفى ومات غرقا فى النيل. الحفرة تهدد حياة المارة فى منتصف الكوبرى دون أن يعيرها اهتماما أى مسؤول عنده دم لردمها أو إصلاح الخلل فى الكوبرى تفاديا لحدوث كارثة حتى كان المصير المحتوم للطفل البرىء، وفقدته أمه فى لحظة واستغاثت بالمارة واتصلت بالنجدة ولم يرد عليها أحد - وفق روايتها - وهرولت المكلومة إلى قسم شرطة الساحل واستقبلها الباشا الضابط بالتهديد والوعيد إذا لم تنصرف من أمامه وإلا أودعها الحجز، فسيادته لديه اهتمامات وأشغال أهم من شكوى أم فقدت فى غمضة عين طفلها.
ثم جاء شر البلية من مسؤولى محافظتى الجيزة والقاهرة فالكل تبرأ أن تكون الحفرة تقع فى إطار واختصاصات محافظته ونسى مسؤولو المحافظتين مأساة الطفل وراحا يدافعان عن موقف كل محافظة وتبرئة ساحتها من تبعية «الحفرة» لها.
وعلى طريقة «الشنكل» الشهيرة فى الفيلم الكوميدى «أرض النفاق» للراحل فؤاد المهندس راح السيد المسؤول مدير الإدارة الهندسية بحى شمال الجيزة يستعرض الخرائط والأدلة التى تثبت تمام الإثبات أن الحفرة الملعونة محل الحادث والمأساة تقع خارج نقطة حدود الجيزة وبذلك تكون تابعة لمحافظة القاهرة.
وبالطبع لم يسكت المسؤول المواجه له فى محافظة القاهرة الذى نفى بدوره وأقسم بأغلظ الأيمان أيضاً أن الحفرة لا تقع فى زمام أو فى حدود محافظته وبالتالى فالقاهرة بريئة من الحفرة كبراءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب.. والله العظيم، لأن حدود محافظة القاهرة تقع عند حدود الحفرة شمالاً عند خط عرض محطة الصرف الصحى، وحدود محافظة الجيزة تقع فى الجنوب من فتحة الحفرة عند خط طول ميكروباص امبابة الجيزة..!
وبالتالى فالحفرة المجهولة التبعية لا تتبع أيا من محافظة القاهرة المنورة بأهلها أو محافظة الجيزة الشامخة بآثارها، فهى لقيطة النسب والهوية الجغرافية وبالتالى أيضاً ليس هناك مسؤول سيحاسب على جريمة سقوط الطفل محمد فى الحفرة إلى النيل مباشرة والمسؤولية ستقع على الطفل الضحية وأمه وأهله الذين أهملوا وساروا بالقرب من الحفرة فاستحقوا الجزاء..!
ومازال البحث جارياً عن محافظة الحفرة ولا عزاء للطفل وأمه وأبيه وأهله كلهم.
راح محمد المسكين ضحية الإهمال والفساد والفوضى ولن يجد من يعوض أهله ويشفى غليلهم بمحاسبة المسؤولين الحقيقيين وسيتفرق دمه بين القاهرة والجيزة، مثله مثل باقى المصريين من الغلابة الذين راحوا ضحايا الإهمال والاستهتار بالأرواح التى لا ثمن لها فى القطارات والعبارات من قبل.
فهل ينصر النائب العام المحترم المستشار عبدالمجيد محمود أهل الطفل الفقيد ويقدم المسؤولين الحقيقيين عن سقوط محمد فى الحفرة وغرقه فى النيل إلى المحاكمة ونيل الجزاء وبئس المصير؟
ولى رجاء إلى اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الرجل الحريص على حسن المعاملة للمواطنين داخل أقسام الشرطة أن يحقق فيما قالته الأم الثكلى عن معاملة الضابط المناوب فى قسم شرطة الساحل لها عندما استغاثت به بعد سقوط طفلها فى الحفرة.
ولا نملك إلا أن نقدم العزاء للأم على ما أصابها ونصب اللعنة على مسؤولى الحفرة وأراهم مكروها فى الحفرة نفسها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.