صدفة خير من ألف ميعاد ووظيفة أفضل من ألف تشريع، ومجلس الشعب الموقر كله منافع يمكن أن يحوله البعض إلى شوربة أو لبخة أو فاسوخة، وهذه خلاصة الموسم التشريعى والدورة البرلمانية الشهرية والسنوية بقيادة نواب الحزب الوطنى السيمفونى المتعدد الأغراض، القابض على مفاتيح الكرار.
وقد اكتشفنا أن موضوع الخلط بين السلطات أمر قديم وشائع وملعوب فيه من زمان، وأن مجلس الشعب عليه حصانة وحارس وبيضة وفرخة.
والدليل أن عدداً كبيراً من السادة نواب المجلس الموقر، وكلهم بالمصادفة نواب للحزب الوطنى، هؤلاء النواب تلاعبوا مع الحكومة، بصرف النظر عن القانون والدستور، وتوظفوا فى شركات حكومية ومواقع تنفيذية، بوزارات الحكومة، تطبيقاً للأغنية الشهيرة "ناسبنا الحكومة وبقينا قرايب"، نواب الحزب الوطنى دوناً عن كل النواب فى العالم يمارسون الخلط بين السلطات والتلاعب بالقوانين علناً، وتحت سمع وبصر الحكومة ومجلس الشعب بلجانه التشريعية والخطة والموازنة، والمواطن والناخب عليهم واحد، وهذا طبعاً بفضل القدرات غير المحدودة للنظام التشريعى متعدد الإشعاع واسع الطيف عريض المنكبين، ولهذا رأينا نواباً بالوطنى يجاملون الحكومة فى كل خطيئة، ويصفقون لكل خطأ، لأنهم يقبضون الثمن نقداً من خزينة الدولة ومن جيب المواطن دافع الضرائب، ولهذا لا يجد نواب الحزب الوطنى الموقر أى غضاضة، وهم يسطون على مناصب ليست من حقهم ومواقع من حق غيرهم، ضاربين الدستور على قفاه.
وعندما أثار النائب جمال زهران القضية واكتشفت اللجنة التشريعية ذلك خبطت على صدرها وقالت يالهوى، ثم فكرت وفكرت مثل تودرى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقررت إرسال مذكرة لرئيس الحكومة بأسماء 17 نائباً بالحزب الوطنى تم تعيينهم بوظائف حكومية بعد عضويتهم فى الموقر، وبعد تفكير بالغ العمق قررت اللجنة الموقرة إحالة الأمر إلى لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لإبداء رأيها القانونى، مع أن تعيين وهدان وزملائه من نواب الوطنى مخالف للقانون وسبق الحكم والفتوى به فى حالة محمد إبراهيم سليمان، لكن اللجنة طبعاً تحتاج للتفكير خاصة أن النواب المتربحين عكس اتجاه القانون، نواب فى الحزب الوطنى، يحظون بحصانة مضاعفة، ذات قوة قتل ثلاثية، ومع أن مجلس الدولة سبق وأفتى بعدم جواز تعيين أعضاء مجلس الشعب والشورى فى وظائف حكومية بعد اكتسابهم عضوية المجالس النيابية، إلا أن اللجنة التشريعية الموقرة، فى المجلس الموقر، تريد الاطمئنان وتضييع مزيد من الوقت الضائع، حتى تحتفظ بحرارة، تصفيق النواب رغما عن القانون والدستور، وحتى ترد لجنة الفتوى سيظل نواب الوطنى يجمعون بين رواتب الوظيفة وبدلات المجلس لا يفرقون بين تشريع وتنفيذ، لأنه كله عند الحزب الوطنى صابون.