أصبح واضحا أن دول منابع النيل تسعى وفق خطط مدروسة لإلغاء الاتفاقيات التاريخية، التى تضمن حصة مصر والسودان من مياه النيل، فبعد إصرارها فى اجتماع شرم الشيخ الأخير على توقيع الاتفاقية الإطارية لدول الحوض منفردة، أعلنت رغبتها فى إلغاء جميع الحقوق التاريخية والمكتسبة لمصر فى مياه النيل، حق الإخطار المسبق بأى مشروعات أو سدود على مجرى النهر، وحق الأمن المائى لكافة دول الحوض، والاعتراف بالحصص المقررة وفق اتفاقيتى 1929 و1995 .
تمضى دول منابع النيل فى تصعيدها بصورة مدروسة، فتقرر اللجوء لمحكمة العدل الدولية لإلغاء اتفاقيتى 1929 و1959، كما تعلن عبر مسئوليها برغبتها الأكيدة فى إعادة تعريف الحقوق المائية لدول الحوض والمضى قدما وفق مخططات كانت قد طرحت وتم تجميدها خلال السنوات الماضية وأهمها الخطط الأمريكية التركية بإنشاء بورصة عالمية للمياه ومنظمة دولية للدول المنتجة للمياه، أى دول منابع الأنهار، على غرار منظمة الدول المنتجة للبترول " أوبك"، يكون دور هذه المنظمة تغيير المفاهيم السائدة حول الحقوق الطبيعية المشاع أو المحكومة بأوضاع الجغرافيا ومنها المياه وتحويلها إلى سلعة لها سعرها الدولى فى السوق.
وإذا كان من حق دول منابع النيل التخطيط والتحرك وفق مصالحها السياسية المباشرة، ووفق الأجندات المعلنة أو السرية التى تحقق لها أهدافها، فعلينا ألا ننجرف وراء لومها باعتبارها الطرف الشرير الذى يرغب فى سلبنا حقوقنا، ولكن علينا التساؤل عن سياساتنا التى أوصلت دول الحوض إلى الانقلاب على الثوابت التاريخية المنظمة لحصص دول الحوض من مياه النيل وانقلابها كذلك على الاتفاقات الدولية المنظمة لعلاقات دول الأحواض المائية المشتركة .
كما أن السؤال الأهم يتعلق بخططنا لمواجهة الوضع الطارئ والمواقف المستجدة لدول الحوض، فهذه الخطط لا ينبغى أن تظل فى تراك واحد هو تراك المفاوضات على غرار " السلام هو الخيار الاستراتيجى " حتى عندما تقوم إسرائيل بشن حروبها العدوانية والتوسعية، فالموقف القانونى لمصر قوى للغاية ولديها من الخبراء الدوليين ما يكفى لإدارة مثل هذا الصراع العادل، كما أن الموقف برمته يدفعنا لتعلم الدرس من تجاهل دول الحوض خلال الثلاثين عاما الأخيرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة