حتى الحمير لم تعد فى مأمن من تأثيرات الأزمة العالمية وسياسات الحزب الوطنى الديمقراطى وارتفاع نسبة النمو. ويبدو أن الحمير هى الأخرى سوف تلحق بضحايا الخصخصة وإعادة الهيكلة، وربما نرى حميرا على أرصفة مجلسى الشعب والوزراء تتظاهر اعتراضا على التعامل معها على أنها قابلة للذبح. وبالرغم من ذبحها لايتم الاعتراف بلحومها، واعتبارها كائنا قابلا للأكل بل إن المزورين ينكرون على الحمير لحومها، ويقدموها على أنها لحوم أبقار أو جاموس أو ماعز.
فقد تحولت الحمير إلى فريسة لكل من هب ودب، ورغم أنها صبرت على وصفها بالحمورية، وعندما يختلف نائبان فى جلسة برلمانية يصف أحدهما الآخر بأنه حمار، وهو أمر يزعج الحمير التى لم يثبت أنها طالبت بإطلاق الرصاص على المنهقين، ولا رفست مواطنا بدون سبب قانونى. وليس للحمير أى علاقة بتصادم القطارات، ولا غرق العبارات، ولا حوادث الطرق، ومع هذا وجدت نفسها معرضة للذبح، بدعوى ارتفاع نسبة النمو عن معدلاتها فى مثل هذا الوقت من العام، وكلما تحدث الدكتور نظيف عن ارتفاع نسبة النمو، تجد الحمير نفسها مذبوحة، ومن أسباب الحزن أن أحدا لا يعترف للحمير ولحومها بالفضل وينسبها للجاموس والبقر فى تزوير فاضح.
صحيح أنه قبل أزمة اللحوم كانت الحمير معرضة للذبح، لكن ظل الأمر استثناء، أما الآن فقد تحول الاستثناء إلى قاعدة وأصبحت الحمير زبونا دائما تحت سكاكين الجزارين. ولم يقتصر الأمر على جزار بولاق المحبوس ولا صاحب مطاعم الحمير فى الجيزة، بل إن سكان العامرية لم يعودوا قادرين على تفرقة اللحم الكندوز من اللحم الحمير من الكلاب والقطط.
وهناك تقارير تشير إلى اختفاء لحوم سبعة آلاف حمار تم تصدير جلودها إلى الصين دون أن يعرف مصير اللحم، وفى الغالب فإن اللحم تسرب إلى أفواه وأمعاء المواطنين، وقد يلاحظ البعض طولا غير معتاد فى أذنيه، أو اخشوشان فى الأصوات ورغبة فى النهيق، ولا ننسى أن حالة من الحمورية ثبت طبيا أنها تصيب من يتعرضون كثيرا لبرامج التوك شو، خاصة الحلقات التى تجرى فيها محاولات الصلح بين المتخاصمين.وهى فى الواقع أعراض تتشابه من أعراض كثرة الفرجة على جلسات مجلس الشعب، أو تجاوز الجرعات المقررة من برنامج الحزب الوطنى. وعموما فإن الحمورية لها أصول وجذور نعود إليها لاحقا.