أتمنى أن أسمع رد كل الذين شنوا حربا ضارية دفاعا عن الرئيس السودانى عمر البشير، فعندما اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب فى دارفور، كانت حجتهم الأثيرة هى أن وجوده يحافظ على وحدة السودان من مؤامرة التفتيت التى تخوضها ضده "القوى الاستعمارية"، وهى بالطبع الإدارة الأمريكية ومعها الغرب ومن ورائهم جميعا إسرائيل.
الآن فقد بقى البشير بعد انتخابات يكاد يكون هناك إجماع أنها تم تزويرها، والقوى التى زعموا أنها تحاربه وهو القائد "الوطنى"، تعلن على لسان مسئول كبير فى إدارة الرئيس الأمريكى أوباما، هو الميجور سكوت جرايشن المبعوث الأمريكى للسودان، حسب ما نشرته جريدة الشروق أمس، أن الولايات المتحدة الأمريكية قبلت بتزوير الانتخابات السودانية من أجل ضمان انفصال هادئ للجنوب السودانى، باعتبار أن وجود البشير فى السلطة هو أفضل ضمانة لتنفيذ هذا السيناريو.
دعك من الأهداف الأمريكية وراء الانفصال، ولكن الصفقة واضحة وبدون مواربة، وقد أكدها البشير نفسه منذ عدة أيام عندما قال "أمريكا فى جيبى".. فعن أى شىء كانوا يدافعون؟!
من الصعب أن تجد إجابة، ولكنه المنطق الفاسد الذى يصور أن بقاء أنظمة حكم مستبدة هو الضمان لاستمرار وحدة بلد ما، وذلك فى مواجهة مؤامرات التفتيت والتبعية للاستعمار الغربى.. بهذا المنطق كانوا يدافعون عن صدام حسين، والقذافى وبشار الأسد وبالطبع البشير.
رغم أن التجارب أثبتت أن هذا غير صحيح، وأن الضمانة الوحيدة لوحدة أى بلد واستقراره ونهوضه هى الحرية وتأسيس دولة القانون والعدل والمساواة بين المواطنين، أيا كانت ديانتهم أو عرقهم أو معتقدهم السياسى. فهذه هى الطريقة الوحيدة لإدارة أى صراع فى المجتمع بشكل سلمى ديمقراطى، ويؤمن لكل الطبقات والأعراق والديانات طريقا غير الحرب للحصول على حقوقهم، لتصل المجتمع إلى توازن عادل بين كل مواطنيه.
لذلك أتمنى من كل الذين يدافعون عن الحكام تحت وهم أو ضغط أنهم يخوضون معركة استقلال، أن يدافعوا عن الشعوب، عن حقها فى العدل والحرية والمساواة، قيم حقوق الإنسان، فهى الأبقى، وهى الحصانة الوحيدة لمستقبل مشرق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة