إنك لا تنزل النهر مرتين.. لكن من الممكن أن ترى انتخابات مجلسى الشعب والشورى مرتين وعشر وثلاثين مرة، وكأننا أمام حلقة تعاد كل عدة أعوام، كم مرة شاهدنا انتخابات مجلس الشورى وتفرجنا على المجمعات الاستهلاكية الانتخابية، ثم سباق بين الحزب ونفسه، مع بعض المنافسة من الإخوان، لينتهى السباق كما بدأ.
الحزب الوطنى بدأ كعادته موسم انتخابات التجديد لمجلس الشورى بإعادة إنتاج الوعود والتصريحات التى سبق له إعلانها فى الانتخابات السابقة والأسبق، وما إن ينتهى المجمع الاستهبالى حتى تبدأ عملية الترويج التى يقدم فيها الحزب برنامجا من حلقات متصلة تشبه سابقاتها وكأنه يخرج البرنامج والوعود من أدراجها ويرفع عنها النفتالين السياسى لتعود كما كانت قبل سنتين أو أربعة أو ستة.
وبالرغم من قرب موعد الانتخابات الرئاسية التالية ما يزال الحزب الوطنى وحكومة الدكتور يعدان بتنفيذ برنامج الرئيس، هذا البرنامج الذى يفترض أن يكون قد تحقق كله أو نصفه أو حتى ربعه، لكنه فى الواقع لم يتحقق منه شىء، البطالة مستمرة، وانضم عمال الشركات المخصخصة إلى طابور العاطلين، والألف مصنع والكادر للمدرسين والأطباء دخلوا مراحل النسيان، وما تزال الحكومة تعد ببرنامج لإعادة تمثيل البرنامج.
الدكتور نظيف لا يكف عن تذكير الناس بأن نسبة النمو الاقتصادى ارتفعت أكثر مما كان مستهدفا، والأجوز انتفخت، أكثر مما كان متخيلا، والحكومة نفذت كل تعهداتها، لدرجة أنها لاتجد ما تقدمه من إنجازات وتفكر فى إعارة نفسها لدول أخرى حتى تتسع الفائدة.
وبناء على أحلام العصافير فإن الذين يشككون فى برنامج الحكومة، قرأوا نصفه الفارغ، ولم ينظروا مليا فى النصف المملوء، حيث ازدات الاستثمارات المباشرة والبث المباشر للتصريحات، وحتى لو لم يكن المواطن شعر بالمدارس والصرف والخدمات، يمكنه القيام برحلة إلى بيان الحكومة تنظمها مدارس مصر المزدحمة على القرية الذكية.
الحزب كما جرت العادة تحدث عن إجراء عملية "فرز وتجنيب" لاختيار مرشحيه، وعقد مجمعات انتخابية من أجل اختبار المرشحين وسوف ينتهى الأمر بنفس الوجوه مع بعض الرتوش، بعض المسجلين خطر مع بعض المسجلين استغلال نفوذ، ليخوض بهم الانتخابات، وينتظر أن يفتح الحزب الوطنى بالاشتراك مع الحكومة خزائن البرامج والوعود، وأدوات السيرك الانتخابى، حتى لو انتهى الأمر كما هى العادة بشراء الأصوات من السوبر ماركت.
برنامج الحزب الوطنى بلاستيكى يمكن استخدامه أكثر من مرة، يصلح للشورى والشعب والمحليات والسعال والزغطة والمحور والدائرى المثلث.
وضمن موسم التجديد النصفى لموسم الصيف، وأوكازيون الربيع، وعود تنفيذ مشروعات معطلة للصرف أو المياه، وإعادة افتتاح مشروعات سبق افتتاحها، ولا مانع من مواسير تظل حتى نهاية الموسم، مصحوبة بحركات تمثيلية، ويتم رفعها انتظارا لموسم آخر، ولا ننسى الوعد بإسقاط ديون الفلاحين لدى بنك التنمية، وتوفير فرص عمل للعاطلين الذين رحلوا عن دنيانا فى انتظار البرنامج، و"انتخبوا الحزب البلاستيكى المستطيل دائريا".
برامج بلاستيكية، تستخدم فى الانتخابات فقط، بعدها تعود للمخازن انتظارا لموسم انتخابى آخر.