اعتذرت إذاعة BBC عن استخدام كلمة "يهودى" فى برنامج إذاعى، رغم أن الذى شكا مما اعتبره عداءً للسامية قارئ واحد، كتب تعليقا على موقعها الإلكترونى منتقدا الممثل الكوميدى فرانكى بويل، الذى قال هذه الكلمة خلال برنامجه "حيوان سياسى".
بالطبع الأمر يمكن أن يكون محل جدل وخاصة أن BBC حسبما قال المذيع بويل كانت قد رفضت بث نداء من مؤسسات خيرية للحصول على مساعدات إنسانية لقطاع غزة فى العام الماضى، ولم يوضح هل الرفض كان سببه أنه لا يجوز أن يكون جزءا من المادة التحريرية، أم تم رفضه كإعلان.
لكن اللافت للنظر فى الخبر الذى نقله موقع اليوم السابع عن الإذاعة البريطانية، هو وجود لجنة معايير التحرير، وهى التى رأت أن استخدام كلمة إسرائيلى، ليس فيها عداء للسامية، لكن "يهودى" تحمل نوعا من العنصرية تجاه أصحاب دين، لا يعيشون كلهم فى إسرائيل.
لكن الأهم وهو أن لجنة معايير التحرير جزء من المؤسسة الصحفية العريقة ودورها مراجعة كل ما يتم بثه عبر الأثير طبقا لمعايير صحفية دقيقة ومعروفة بشكل مسبق، وهى ما نسميه السياسة التحريرية. فمهمتها ليس الرقابة السياسية، ولا الرقابة على الرأى، ولكن مهمتها مراقبة الأداء المهنى، وحياد الصياغات.
للأسف مثل هذه اللجنة غير موجودة عندنا، ودعنى أذكرك بالحرب الضروس بين شوبير ومرتضى التى كانت خير دليل. وإذا وجدت كما هى الحال فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فدورها الأساسى الرقابة السياسية وهذا أمر مختلف تماما عن الرقابة على الأداء المهنى.
الأمر أكثر سوءً أن هذه اللجنة غير موجودة أساسا فى المؤسسات الصحفية، وهذا يؤدى إلى فوضى تحريرية، لا ينفع فيها فقط وجود ما نسميه "الديسك المركزى"، أى الذى يعيد صياغة المواد ويراجعها تحريريا، فهذه اللجنة دورها تدقيق المنتج بعد خروجه، وتقدم تقريرها لمجلس التحرير، مشفوعا بتوصيات، تساعد يوميا على ضبط الأداء.
كما أن هذه السياسة التحريرية جزء من التعاقد بين الصحفى والمؤسسة، يكون منصوصا عليها باعتباره جزءًا من التعاقد، لأنه فى هذه الحالة يكون ملزما للصحفيين، وملزما أيضا للمؤسسة، فإذا قررت تغييرها لأى سبب فمن حق العاملين مقاضاتها والحصول على تعويض.
فالحرية لا تعنى الفوضى، وتنظيمها يعنى حمايتها من المغرضين والمفسدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة