وجه الدكتور عبد العزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق كلامه إلى الدكتور محمد غنيم الطبيب البارز ومؤسس مركز الكلى بالمنصورة، قائلا :" أنت بتاريخك العلمى وفكرك أكبر من أن تندرج فيما نراه الآن" ، فرد الدكتور غنيم :" أنا كنت فى حزب وتركته وأدعو إلى تغيير المواد 76 و77 و88 من الدستور توطئة لدولة مدنية فيها حقوق مواطنة، ونرجوا أن يكون التغيير سلميا وهادئا ومنطقيا وليس عيبا أن أقول ذلك ولا أدعى الكمال فيما طرحت".
الجدل بين حجازى وغنيم، جاء فى ندوة مع أعضاء اللجنة المصرية للتضامن، وكان الدكتور محمد غنيم هو المتحدث فيها، وقدم فيها الطبيب المشهور، كما قالت الزميلة نور الهدى زكى فى جريدة الدستور فى عددها الصادر أمس، الأربعاء، توصيفا لحالة مصر التى قال عنها إنها فى حالة "انحسار حضارى".
طرح الدكتور غنيم اجتهادات قيمة فى الندوة جميعها تلفت الانتباه، لكن عبارة الدكتور عبد العزيز حجازى للدكتور غنيم، تثير الانتباه وتلفت النظر حول ما إذا كان حجازى ينصح غنيم بالابتعاد عما هو مطروح الآن لأن المناخ السياسى فاسد ولا يقدر مثلا قيمة العلماء ودورهم العلمى والسياسى، وبالتالى فإن الأفضل له هو التفرغ لدوره العلمى المرموق الذى حاز به احترام الجميع، أم أن الدكتور حجازى يقصد أن السياسة لها رجالها، كما أن العلم له رجاله.
كلام الدكتور حجازى يفتح المجال مجددا لجدل دائم حول طبيعة ما إذا كان من الواجب، أن ينخرط العالم فى معمله، والعامل فى مصنعه، والطالب فى جامعته فى أدوار سياسية واجبة فى ظروف تاريخية معينة؟
هذا النوع من الجدل تستخدمه السلطات السياسية لأغراض خبيثة، تقصد به أن ينكفئ الكل على همومه الخاصة فى الوقت الذى تقوم هى بتقرير مصير الوطن، وفى ظروف كالظروف التى تعيشها مصر تكون النتيجة، موتا بطيئا فى العمل السياسى، وتركه لمحترفى السياسة دون غيرهم، ولأننا فى مصر عشنا هذا الجدل منذ سبعينات القرن الماضى، شاهدنا طلابا يتخرجون فى الجامعة لا يعرفون شيئا عن ماضيهم وحاضرهم السياسى، وشاهدنا حقل العلم يقرر مصيره سياسيون لا يعرفون معنى وقيمة وطن يلعب فيه العلماء دورا لصالح التقدم.
ليس المطلوب أن يتحول الكل إلى سياسيين، وليس المطلوب أن يترك العلماء مجال علمهم لصالح احتراف السياسة، لكن فى نفس الوقت لا يجب أن نحرم العمل السياسى من نماذج ضربت المثل فى نجاحها المهنى، وترى فى وقت ما أنه من الضرورى لكى يتم تعميم هذا النجاح، لابد لها أن تكون طرفا فى محاربة كل أشكال الفساد الذى يعوق هذا النجاح، وهذا بالضبط ما يفعله الدكتور محمد غنيم، فالناس تصدقه فيما ينادى لسبب بسيط، وهو أنه وصل إلى المجد فى نجاحه كطبيب، وكان يمكن له أن يكتفى بمجده الشخصى، لكنه وجد أن القضية الأكبر هى مجد وطن لن يتحقق إلا بجهود الجميع من أمثاله إلى التغيير، حتى لو مسه الضر من الآخرين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة