دخل أنس الفقى وزير الإعلام بشجاعة يحسد عليها عش الدبابير أو وكر اللصوص بقراره إحالة ملف صفقة بيع حق استغلال ذاكرة وتراث مصر الغنائى إلى النائب العام.
اللصوص استغلوا حالة الفوضى العارمة التى عاش فيها مبنى الإذاعة والتليفزيون والفساد الذى ضرب فى كل جوانبه وإدارته فى فترة سابقة، فنهبوا وباعوا دون وازع من ضمير أو رادع ثروات الغناء لكبار المطربين وبأبخس الأثمان إلى إحدى القنوات العربية المعروفة والمملوكة لأشهر رجل أعمال فى الوطن العربى.
وبحسبة بسيطة فقد باع اللصوص 11 ألف دقيقة من حفلات أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وشادية وفايزة أحمد وفريد الأطرش ومحمد عبد المطلب وحفلات ليالى التليفزيون لمطربين عرب ومصريين أخريين بمبلغ 110 آلاف دولار أى بسعر الدقيقة 10 دولارات فى حين أن متوسط حسبة البيع وفقا للوائح الأسعار المعتمدة تبلغ 5 ملايين و500 ألف دولار إذا افترضنا أن الدقيقة ثمنها 500 دولار أما إذا كانت بسعر ألف دولار وهو الحد الأعلى لسعر الدقيقة حسب اللوائح فكان من المفروض أن يكون حساب البيع 11 مليون دولار.
أى أن لصوص الحفلات أهدروا ما قيمته 10 ملايين و890 ألف دولار، ونفترض أن هذه الأموال لم تذهب إلى جيوبهم لكن كان المقابل بالتأكيد ودون تفكير عمولات بالملايين من وراء الصفقة المشبوهة إذا اقتصر تركيزنا فقط على الجانب المادى فما بالنا لو كانت تلك الصفقة الثروة تمثل تراث مهول من الغناء يشكل ركنا تاريخيا مهما لقوة مصر الثقافية والفنية وتأثيرها فى الوجدان والعقل العربى وهى ما تبقى لنا من رصيد فى الدول العربية.
ولكن فى رأى الأمر لا يتوقف فقط إحالة ملف إهدار مال عام إلى النائب العام فلابد من فتح كل ملفات السرقة والنهب للتراث التليفزيونى والإذاعى التى تمت خلال الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية التى تاجر بها اللصوص وأخرجوها بليل من المبنى إلى الإذاعات والتليفزيونات العربية وخاصة الخليجية منها، وهم بالتأكيد معروفون للوزير أنس الفقى وكل المسئولين قبله. وأتمنى أن تكون خطوة وزير الإعلام هى بمثابة إعلان حرب شرسة وبأثر رجعى ضد كل من ساهم وتورط فى هذه الكارثة القومية وأن تكون خطوة تسبق آلاف الخطوات للكشف عن أخطر أنواع الفساد ومواجهه أباطرته ورموزه، فهناك أرشيف كامل من أحاديث وأغان إذاعية نادرة مازالت تذاع فى محطات عربية خليجية لكبار المطربين المصريين تصيب من يسمعها بالذهول والدهشة وتدفعه إلى حافة الجنون وضرب الأكف " كيف خرجت هذه الثروة من مصر ومن أخرجها وهل مازال منها نسخ فى الإذاعة والتليفزيون المصرى؟"
لقد شاهدت وسمعت بعض من هذه التحف الإذاعية والتليفزيونية النادرة فى تليفزيونات وإذاعات الإمارات أثناء وجودى هناك وكانت أول مرة استمع لأحاديث إذاعية غاية فى الروعة والجمال بين كوكب الشرق أم كلثوم وفيروز والسيدة فاتن حمامة كانت فيها سيدة الشاشة العربية المذيعة والمحاورة، وأحاديث نادرة بين عبد الحليم وعبد الوهاب، وفريد شوقى وشكوكو وعبد المطلب ومحمد طه، إضافة إلى أغان بصوت منيرة المهدية وسيد درويش.
الملف ضخم إذا أراد- أو بالأدق كان قادرا- وزير الإعلام أنس الفقى فتحه لإطلاع الناس على أضخم عملية نهب منظم لتراث مصر الفنى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة