أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

أن تقول للنظام الحاكم "بخ" فيسقط!

الأحد، 02 مايو 2010 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعرف أنك ستقول بعد هذه السطور أننى مثبط للهمم وناشر للتشاؤم وعميل مزدوج يتوغل ويتسرب بإحباطه بين الناس، وأعرف أن كثيراً منكم سيخرج بصكوك التخوين والعمال من جيبه ويلصقها بى فورا دون أن يحاول أن يفهم طبيعة تلك السطور.. أنا يا سيدى قررت أن أعود إلى أرض الواقع، قررت أن أتعامل مع القضية حسب ما هو متوفر من دلائل ومعطيات، ولأن كل ما هو متوفر ليس مبشرا، قررت على مدار الأيام الماضية وربما القادمة أيضا أن أكتب لكم عن الحقائق العارية التى تسير أمامنا دون أن نراها، عن الوضع المأسوى الذى نعيشه ونتغاضى عنه طمعا فى أحلام التغيير دون أن نضع فى حساباتنا أن أول طريق التغيير يستدعى أن يكون كل الراغبين فى السير حتى نهايته أصحاء غير مصابين بأمراض الوهم والعشى الليلى والنهارى الذى يمنعهم من رؤية ما يحدث على أرض الواقع.. أول طريق التغيير يستدعى الصراحة والقدرة على نقد الذات.. وعشان كده اتفضل أقرأ ما لا قد يعجبك..
المعارضون فى مصر يسيرون على الخط الذى ترسمه الدولة دون انحراف، وسواء كان ذلك يتم عبر اتفاق مسبق، أو لأن الدولة ضحكت على المعارضة وأسقتها حاجة أصفرا.. تبقى النتيجة واحدة، نظام يحكم ويتحكم ومعارضة تمثل على الناس وتضحك على نفسها.

هذا عن النخبة فى صفوف المعارضة، أما عن الناس فيبدو أنها ارتضت الاتفاق الذى تم دون عقد مع الدولة وجاء نصه كالتالى: (من حق كل فئة من فئات الشعب أن تعلن إضرابها وترفع لافتة أو اثنين أو تلاتة حسب ما يتوفر لديها من القماش تندد فيها برئيسها المباشر، وتتهم الوزير المختص بالكسل، وتعلن مطالبها التى لا تتعدى علاوة شهرية أو حوافز سنة مالية.. وتتعهد الحكومة مقابل التزام فئات الشعب المختلفة بتنفيذ السابق دون خروج عن النص، أن تلتزم من جانبها بالاستجابة للمطالب جميعها فى شكل وعد مبدئى، يتحول عقب نشر صور الاعتصامات فى الصحف إلى قرار رئاسى بالاستجابة الفورية، يعقبه 10 لافتات شكر وتأييد للرئيس مبارك أو 20 أو 30 حسب ما يوفره الحزب الوطنى من أقمشة للمواطنين أصحاب الاعتصام).

اتفاقية عادلة خلقتها الظروف وأثبتت نجاحها مع فئات مختلفة مثل المدرسين والصيادلة والمحامين والصحفيين، وفى الوقت نفسه ارتضت جميع الأطراف الالتزام بها دون شوشرة على اعتبار أن الكل مستفيد، الدولة تسمح للناس بهامش اعتراضى لا يعلو فوق رئيس الوزراء، وتحمل الناس "جمايل" القرارات الرئاسية التى تأتى دائما منصفة للشعب، وتؤكد بأنه: "لا حل ولا ربط فى تلك الدولة إلا عن طريق الرئيس.. فقط".. والناس من جانبها لا تمانع أن تعتصم يومين أو حتى عشرة فى الشارع من أجل المطالب التى تأتى فى أغلبها مالية.. ولهم كل العذر فى ذلك فى ظل المعاناة اليومية والأسعار التى لا تعرف طريقا للهبوط أبدا.

أما بالنسبة للمعارضة فهو اتفاق مغرٍ يسمح لها بممارسة أى نشاط على هامش الإضرابات الفئوية.. يرفع كل فصيل معارض لافتة هنا أو هناك، أو يعقد ندوة ويضع على منصتها واحد من قيادات الإضراب، مع المزيد من الهتاف والتصفيق أمام كاميرات الفضائيات.. وبعدها يتحدث كل تيار معارض بضمير مرتاح وكأنه أنقذ مصر من أزمتها وأدى واجبه حتى آخر سطر فى الصفحة الأخيرة من كراسة النضال الوطنى.

وحتى حينما يصاب سوق الإضرابات ببعض من الكسل، لا تعود المعارضة إلى الشارع لممارسة دورها فى كشف النظام وفساده، أو التظاهر فى الشوارع مطالبة بسقوطه كما كانت تفعل منذ سنوات، ربما لقلة حيلتها، أو ضعفها الذى لا تعترف به أو عيب ما فى "أمبير" الإخلاص الخاص بقادتها.

الأحزاب وحركات التغيير والإخوان وغيرهم أعجبتهم كشوف الأعذار- تتضمن التضييق الأمنى، وتحكم الحزب الوطنى، والاعتقالات- التى يرفعونها كلما سأل أحد عن سر اختفائهم، وكأنهم تخيلوا فى لحظة ما أن وظيفة المعارضة أن تقول للنظام "بخ" فيسقط على الأرض رعبا دون حتى أن يقول "يامه".

وكلما يشعر معارضو مصر الأفذاذ بنظرة السخرية فى وجه الناس، يأتون بورقة وكشكول 60 ورقة من بتاع المدرسة الإعدادية، ويعلنون عن اجتماع مصيرى بالنسبة للأمة، ويخرجون للناس بعد أسبوع بوثيقة تحمل اسم إنقاذ مصر، يتغير اسمها وليس مضمونها حسب مزاج صاحب الكشكول لتصبح فى مرة الجبهة الوطنية للتغيير أو "إعلان القاهرة للديمقراطية"، أو الجمعية الوطنية للتغيير على اعتبار أن ما فشلت فى تحقيقه وثيقة إنقاذ مصر.. ستحققه وثيقة إعلان القاهرة للديمقراطية أو وثيقة الجمعية الوطنية للتغيير لأن الأولى كانت مكتوبة بقلم "بيج" والثانية كتبت بقلم "باركر".

عموما أنت الآن تعتبر الكلام السابق نوعاً من تكسير المجاديف، أو تقليل من شأن مجهود نخبة المعارضة فى مصر.. بينما الحقيقة أن الأمر يتعلق بضرورة لفت نظر تيار يقول إن هدفه إنقاذ مصر، دون أن يفعل شيئا سوى الهتاف حينما يشتد الظلم.. لحظة واحدة يا مصر.. هكتب وثيقة إنقاذك وأجيلك.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة