بمجرد أن تنتهى من قراءة كتاب "المثقفون وكرة القدم" الصادر عن دار "صفصافة" ستكتشف أننا نضيع كثيرا من الوقت فى معارك لا أساس لها، إنها معارك مجانية، ومنها العداء المصطنع بين النخبة السياسية والثقافية وكرة القدم، فالحقيقة كما أكدها مؤلف الكتاب الصحفى والأديب اللامع أشرف عبد الشافى، أن كبار مثقفينا عاشقون للساحرة، ومنهم نجيب محفوظ ومحمود درويش وأحمد فؤاد نجم وصلاح جاهين وفؤاد حداد وإحسان عبد القدوس والدكتور عبد المنعم سعيد.. وقائمة لا تنتهى.
فالكثير من هؤلاء كان من الممكن أن يكون مصيرهم نجوما ساطعة فى ساحة الملاعب وليس فى الثقافة أو الصحافة أو غيرها من وجوه الإبداع.. وكلهم حتى الآن يستمتعون بالساحرة المستديرة مثلهم مثل أى مصرى، بل ومثلهم مثل كثير من شعوب العالم.
عبد الشافى سرد بحس أدبى رفيع حكايات كثيرة عن هؤلاء وعن مبدعين كبار منهم "ألبير كامو" الأديب الفرنسى الشهير الحاصل على نوبل والذى عاش طفولته فى الجزائر، وكان من الممكن أن يكون أشهر حارس مرمى فى زمنه، لولا إصابته بالسل وهو فى سن صغيرة، بالإضافة إلى الشاعر الأمريكى الشهير ت.س. إليوت صاحب القصيدة الخالدة "الأرض الخراب"، وصاحب مقولة "أغبياء أولئك الذين يكرهون كرة القدم"، واعترف إليوت وهو من أهم شعراء التجديد والحداثة فى العالم أنه كان يتهرب من الندوات التى يتصادف موعد انعقادها مع إقامة مباراة كرة قدم.
هى متعة شعبية لا أكثر ولا أقل، ومن حق الناس أن يستمتعوا بها بلا منغصات، وليس صحيحا الأكاذيب التى روجها ضدها سياسيين اعتبروها مسكنا وحاجزا ضد الثورة التى يحلمون بها، وأن السلطة الحاكمة هى التى تساعد على انتشار وترويج هذا الأفيون، حتى تلهى الجماهير عن الثورة المزعومة.
لكن الحقيقة هى أن هذه اللعبة تحظى بشعبية خرافية حتى فى أعرق الدول الديمقراطية، ويتقاتل عليها الناس فى مجتمعات الغرب التى لا تعانى من مشاكل حياتية مثلنا، ولكن للأسف استسلم كثيرون منها لأكاذيب الساسة والمثقفين، وأنا واحد منهم، والذين علقوا فشلهم الذريع فى رقبة كرة القدم، وهى منهم بريئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة