من ينسى إسماعيل ياسين؟.. لا أحد رغم مرور 38 عاماً على رحيله. فى 24 مايو 1972 رحل ملك ملوك الضحك فى مصر ورحلت معه أشهر ضحكة مازال يتردد صداها رغم كل محاولات الضحاكين بعده.
مازال "سمعة" هو الملك والزعيم.. ومثل ما كان أحمد شوقى أميراً للشعراء ونجيب محفوظ شهبندر الأدباء، فإن إسماعيل ياسين يظل درة تاج الكوميديا فى مصر والعالم العربى حتى وقتنا هذا.. يعشق الصغار "طلته" ويحب الكبار "قفشاته".
حقق إسماعيل ياسين فى السينما إنجازاً غير مسبوق، فهو الفنان الوحيد فى تاريخ السينما المصرية الذى تصدر اسمه عناوين أكثر من 17 فيلماً من بين 400 عمل سينمائى قام ببطولتها، أو شارك فيها طوال مشواره الفنى الضخم، إضافة إلى 300 مونولج و61 مسرحية، وتحمل المغامرة رغم خطورتها لأن الجمهور كان يذهب لمشاهدته هو فقط والاستمتاع به دون معرفة باقى أبطال أو نجوم الفيلم، فالكل لايريد سوى إسماعيل ياسين.
وحققت أفلامه أعلى الايرادات فى تاريخ السينما العربية حتى اليوم بالقياس إلى عدد سكان مصر وقتها وعدد دور العرض وثمن تذكرة دخول السينما، وما زالت تلك الأفلام وبشكل خاص سلسلة "إسماعيل ياسين فى الجيش والطيران والبحرية وغيرها" هى المادة المفضلة للضحك لدى الكبار والصغار وعنوان السعادة الحقيقية، فإذا كان هناك من الرواد من ساهم فى صياغة تاريخ المسرح الكوميدى فى مصر، فإن إسماعيل ياسين يأتى فى مقدمة هؤلاء الرواد مع تميزه عنهم بالاستمرار والتنوع فى أعماله على امتدا السنوات من 1935 وحتى قرب رحيله عن الدنيا.
ضحكة إسماعيل المميزة له وخفة ظله وتلقائيته والفكاهة والكوميديا فى أفلامه كانت توارى خلفها مأساة فنان حقيقى عاش حياة الفقر والعوز، واضطر فى أواخر أيامه لأن يعود لأداء المنولوجات فى أحد الكباريهات من أجل لقمة العيش والقوت اليومى.
وتعرض لتجاهل ونكران مخجل وقسوة من الأصحاب والأصدقاء فى أواخر أيامه حتى أُجبر على بيع كل ما يملك وطاردته الضرائب، وتراكمت عليه الديون، فهاجر الوطن إلى لبنان ثم عاد فقيراً يستجدى أمجاد الماضى، وكانت ذروة المأساة عندما خصص له الرئيس السادات معاشاً استثنائياً (100 جنيه شهريا). رغم كل ما قدمه إسماعيل ياسين للفن لم ينل التكريم الرسمى المستحق من الدولة وهو أمر مخجل ومؤسف.
وحتى فى عز توهجه وإبداعه لم يحصل إسماعيل ياسين على جائزة تقديرية أو تشجيعية من الدولة فى الفنون.
فى ذكرى رحيله يستحق هذا الفنان المبدع تكريماً رسمياً لإعادة الاعتبار له من الدولة، وبالمناسبة فإن مسلسل "إسماعيل ياسين.. أبوضحكة جنان" الرائع التى قدمته عدد من الفضائيات فى رمضان الماضى يستحق كل تقدير وإشادة وتكريم لتقديمه سيرة فنان مبدع وعبقرى، وأعاد لنا اكتشافه من جديد، فالعديد من الأجيال لم تعاصره ولم تشاهده إلا فى أفلام الأبيض والأسود، ولم تقف على حقيقة ما جرى له إلا من خلال المسلسل.