لم يكن تخوين الدكتور عبدالعزيز حجازى لبعض منظمات المجتمع المدنى جديدا، ففى مؤتمر «التأثيرات السلبية الخاصة بقانون الجمعيات الأهلية»، اتهم رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، بعض الجمعيات بأنها تتلقى تمويلا لـ«أهداف معينة»، ودلل الرجل بحس أمنى على اتهاماته قائلاً «لدى معلومات مؤكدة».
المنطقى فى هذه الحالة أن يتقدم الدكتور حجازى ببلاغ إلى النائب العام، بناء على «معلوماته المؤكدة»، فالجمعيات، بل كل المصريين ليس من حقهم انتهاك القانون، كما أن الدكتور حجازى ليس من حقه توزيع الاتهامات على خلق الله، ولا تخويفنا وتخويف أحد بأنه «يحمى بلده» كما قال فى المؤتمر الذى تم عقده الخميس الماضى.
هذا لا يعنى أن مؤسسات المجتمع المدنى تديرها ملائكة، ولكنها مثل أى نشاط فى الدنيا كلها، فيه «الصالح والطالح»، بالضبط مثلما يوجد هؤلاء «الطالحون» فى الفريق الحكومى الذى يعبر عنه الدكتور حجازى.
لكن الخطورة فيما قاله الدكتور حجازى، أنه تعبير عن مزاج فى السلطة الحاكمة يريد احتكار النشاط السياسى والاجتماعى للمجتمع كله، وباستخدام حجج براقة مثل «أهداف معينة» و«الوطنية»، يريد إلحاقه بالسلطة التنفيذية ومن ثم حرمانه من ممارسة دوره فى الرقابة على أداء هذه السلطة وباقى سلطات الدولة من قضاء وتشريع وصحافة وإعلام وغيرها.
فحرية العمل الأهلى حتمية لتطور المجتمعات، وهى أساس الديمقراطية، ولذلك حصنت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان هذه البديهيات، وحصنها أيضا الدستور، ومن ثم فهو ليس منحة من الدكتور حجازى، ولا من وزير التضامن الدكتور على المصيلحى الذى يعد الآن قانونا لإعدام مؤسسات المجتمع المدنى.
ثم إن الدكتور حجازى، مع كامل الاحترام له، لا علاقة له بالعمل الأهلى، فالرجل تم تعيينه رئيسا للاتحاد العام للجمعيات الأهلية بقرار من رئيس السلطة التنفيذية، أقصد الرئيس مبارك، ولم يأت بالانتخاب، وهذه كارثة كبرى، ولذلك لست مندهشا مما يقوله فى اللقاءات العامة، لكننى أدعوه وأدعو من يتبنوا منطقه البوليسى، إما أن يذهبوا للنائب العام بـ«المعلومات المؤكدة» التى يملكونها.. وإما أن يصمتوا ويتركوا المصريين يمارسون حقهم فى الحرية.. حرية أن يبنوا بلدهم كما يريدون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة