أحمل للفقيه الكبير الدكتور محمد سليم العوا تقديرا كبيرا، بوصفه عالما مستنيرا فى قضايا الإسلام، ومدافعا صلبا عن قضايا الحرية والديمقراطية، ورمزا كبيرا فى النضال من أجل القضايا القومية وفى القلب منها قضية فلسطين، وبقدر هذا التقدير الكبير له، بقدر استغرابى للرأى الذى قرأته على لسانه فى الفترة الأخيرة مرتين، والذى تناول تقييمه لأحداث الفتنة الطائفية الأخيرة.
كلام العوا عن أسباب هذه القضية كرره مرتين فى الفترة الأخيرة، الأولى فى حوار له مع جريدة الدستور، والثانية فى ندوة كان هو المتحدث فيها يوم الجمعة الماضى، وقال فيهما إن أسباب الفتنة تعود الى أن وفاء قسطنطين ومارى عبد الله سجينتين لدى الكنيسة، وأن المسلمين فى مصر يشعرون بغصة لأنهم لم يستطيعوا أن يحموا امرأتين أسلمتا.
وقال إن من يرغب فى إخماد تلك الفتنة فليخرج وفاء قسطنطين ومارى عبد الله إلى الشارع، ويتركهما يختارا دينهما فإذا اختارا المسيحية نقول لهما: "الإسلام مش هيزيد بيكوا"، وإذا اختارا الإسلام نقول لهما المسيحية مش هتنقص من غيركم"، واختتم الرجل كلامه بالقول "إن جميع أسباب الفتنة ترجع إلى هذه القضية".
لأوافق كلام فقيهنا الكبير فيما يتعلق فى اختصاره لأسباب الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فى قضية وفاء ومارى، فالفتنة توجد قبلهما، وتعود إلى أسباب كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية، ولو تهيأت الظروف لخروج الاثنتين من محبسهما كما يرى الدكتور سليم العوا، فلن تهدأ الفتنة ولن تقتلع أسبابها.
لن أبالغ فى القول إن قضية وفاء ومارى فى الطريق إلى النسيان لأسباب كثيرة، أهمها أن الإنسان المصرى تطحنه المشاكل بالدرجة التى لم يعد فيها يذكر قضية السيدتين، أضف إلى ذلك أننا لو تعاملنا مع عموم القضية وفقا لنظرية، أيهما يكسب المسحيين أم المسلمين، فلنقل على مصر السلام لأننا سنحصد من وراء ذلك خسائر كثيرة.
قضية الفتنة الطائفية فى مصر تظهر إلى السطح فى غياب مشروع وطنى شامل، ينصهر فيه مسلمون ومسيحيون، ولأننا نفتقد هذا المشروع الآن فلن تهدأ الفتنة سواء خرجت وفاء قسطنطين ومارى عبد الله من مكانهما الحالى الذى تعرفه الكنيسة أم بقيا فيه؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة