يتعامل الرئيس مبارك مع المواقف المتشابهة بنفس الطريقة وبشكل يوحى بأن رئيس مصر ورجاله غير قادرين على إبداع أو خلق طرق وحلول جديدة لمواجهة المواقف السياسية اللى زى بعضها، فهم يتعاملون بحكمة .. الطريقة التى جربناها سابقا فى حل المشاكل ومواجهتها لا مانع أن نجربها مرة أخرة بدلا من المخاطرة مع طريقة أخرى جديدة، فالرئيس وحكومته يحكمون مصر فى أفراحها وأحزانها بطريقة "الكوبى بست" .. مجموعة من القرارات والتوجيهات نسمعها ونقرأها فى كل مرة بغض النظر عن كلمة اسمها المتغيرات والبيئة المحيطة والسياق العام للموقف ودون أدنى اهتمام بفكرة الاستفادة من خبرات الماضى، فهو مثلا يتفوه بنفس الكلام ويشير بنفس الطريقة وينفعل بنفس الهدوء عقب كل حادث إرهابى، مؤكدا أن تلك المصيبة حادث عابر لا يمكن تكراره .. ومع ذلك يتكرر !!
وفى الكوارث المتكررة وحتى المتشابهة منها، الرئيس لا يغير طريقة تعامله فما قاله بعد حادث قطار كفر الدوار فى 98 هو نفس الكلام الذى سمعناه منه بعدما حصل اللى حصل فى قطار الصعيد 2002 ونفس مافعله بعد غرق العبارة 2006 .. وهو نفس الذى سمعناه بعد كارثة قطار العياط وهو نفس ماسمعناه وقرأناها من تعليقات حكومية على أزمة خالد سعيد ضحية قانون الطوارئ فى الإسكندرية وأزمة القضاة والمحامين التى تحولت إلى وصمة عار فى جبين مصر، وعلى نفس الخط تسير حكومة الدكتور نظيف .. تسير على خطى الرئيس مبارك وتزيد عليه استمتاعها بتعليماته وقراراته والتصريح بأن كل شىء تمام طبقا لتعليمات سيادته.
فرغم بشاعة ما حدث فى الإسكندرية والمدلول المخيف لما يحدث بين القضاة والمحامين، إلا ان ردود الفعل الحكومية والرئاسية لم تتغير ولم تستفد حتى من تجربة التعامل مع كوارث مشابهة أو معتادة لديهم، وثبت بالدليل العملى أن طريقتهم فشلت فى إقناع الناس وحل الأزمة، ومع ذلك يصرون على استعمال تلك الطريقة المطبوعة والمحفوظة فى خزائن الدولة ويخرجون بها وقت الكوارث لتنشر فى الصحف الرسمية ونشره الساعة التاسعة بشكلها الذى لا يخرج أبدا عن المؤتمر السريع لأحد المسئولين ليعلن أن الشاب الإسكندرانى كان بتاع بانجو وأخلاقه وحشة رغم أن ذلك ليس سببا على الإطلاق لتعذيب وضرب مواطن حتى الموت– ده إن كان كلام الداخلية والدولة على الشاب صحيح- أو كما يفعلون فى أزمة القضاة والمحامين التى نسمع تعليقات حكومية عليها تشبه نفس التعليقات التى نسمعها مع كل معركة بين أطراف داخل الدولة من نوعية أن الرئيس سوف يتدخل لحسم الأمر.. أن الأزمة بسيطة والطرفين اتفقا على التهدئة بينما على أرض الواقع نجد أن الزند وخليفة مستمران فى الرد على بعضهما وكأننا نشاهد خناقة فى دار حضانة ..
لاحظ معى وقارن رد الفعل الرئاسى على هذه الأزمات وحاول أن تقارنه بما يحدث منذ سنة 1981.. ستجد أن الرئيس يأمر ويتابع ويؤكد ويواسى ويعزى ويهدد المقصر بالعقاب وبقدرة قادر وبدون سحر ولا شعوذة تنفرج الأزمة وتنحل العقدة على يديه أو فى لحظة تدخله، وهو أمر يعتبره الرئيس ومن معه إنجازا عظيما يضاف إلى رصيد الرئيس من الكبارى التى هى أبرز إنجازات عصره، بينما الحقيقة تقول إن هذه الأزمات التى لا تحلها سوى التدخلات الرئاسية هى أبرز مثال على أن هذا النظام فشل فى أن يخلق دولة مؤسسات حقيقية.. فشل فى أن يبنى دولة قوية، ولذلك ضعوا أيديكم على قلوبكم لأن القادم لن يسر أى حبيب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة