أكرم القصاص

الساحرة المستديرة.. عندما تكون شريرة

الخميس، 17 يونيو 2010 12:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحاول الخروج من كل همومنا بالفرجة على المونديال، أو حتى الدورى والكأس، وليس هناك مكان فى الكرة للموضوعية والتوازن، التعصب هو الأصل، لكنه تعصب حميد طالما بقى فى الملعب أو فى سياق اللعب والكرة، لكنه عندما يصبح شتائم ينتقل إلى المعايرة والكيد، وليس مطلوباً من لاعبى ونقاد الكرة أن يكونوا علماء، أو مفكرين، لكنهم إذا حاولوا إدخال الكرة فى أى جانب آخر تشتعل الحروب.

ما للتاريخ ومباراة بين مصر والجزائر، أو الأهلى والزمالك، لولا الجهل الذى نقل الكرة من الملاعب والمقاهى إلى كتب التاريخ والجغرافيا، رأينا كيف تحول النقاش بين جمهور الأهلى والزمالك إلى اختبارات فى الوطنية، مثلما تم تلطيخ تاريخ مصر والجزائر بسبب مباراة.

التعصب يظل مفيداً طالما بقى فى الملعب، لكنه إذا خرج من المستطيل الأخضر والمدرجات يتحول إلى حرب، ولهذا يسمونه تعصباً أعمى، لأنه هو الذى أدى إلى هذه العلاقة الغريبة بين مصر والجزائر مع أنها فى الأول والآخر مباراة، ويومها كتبت "أن ما أخذ فى الملعب لا يسترد إلا فى الملعب"، والمشجع المتعصب تعصباً حميداً ينهى كل ما لديه أثناء وبعد المباراة، أن الألتراس فهو لا ينسى ويريدها حرباً.

والمباريات والأولمبياد نشأت بديلاً للحروب، وقالوا إن ملكاً أراد أن يتوقف عن الحرب، فطلب من عالم فيلسوف أن يبتكر له شيئاً يغنيه عن الحروب، فكان أن اخترع الشطرنج، المباريات يفترض أن تكون نوعاً من التنافس، يقود لتوطيد العلاقات بين الدول، لكنها معنا تحولت إلى عالم من الحروب التى لا تنتهى.

بالأمس تلقيت عدداً من التعليقات على المقال، كانت تجديداً لذكرى حروب لا نهائية بين الجزائريين والمصريين أو لنقل الألتراس فى الناحيتين، كلاهما لا يريد أن ينسى مباراة أو مباراتين، واحدة فازت فيها الجزائر والثانية فازت فيها مصر وصعدت الجزائر لتصفيات كأس العالم، وحصلت مصر على كأس الأمم الأفريقية، وشخصياً أتمنى أن تصعد الجزائر إلى النهائيات وتكسب ساعتها سأشجع فريقاً أعرفه، وهو رأى لا يعجب البعض الآخر.

عموماً نحن نحب البرازيل ومارادونا، ونتذكر لاعبين عظماء خلدوا أسماءهم فى سجلات اللعب، إنما بعضنا فيريد الخلود فى عالم الكيد والشتم، لا أحد يريد للعبة أن تبقى فى سياقها، لأنها تحولت بالفعل إلى أكبر بيزنس فى العالم مليارات وبيع وشراء وإعلانات، وفى مصر أصبح الأثرياء يسعون للجمع بين السياسة والمال، ثم أصبحت الهواية عضويات ورئاسات النوادى الكبرى.

الرياضة عموماً لم تعد ببساطة زمان، صارت عملاً متسعاً ومليارات تطير وتحط بين أيدى اللاعبين وأكثرها يصب فى مسارات أخرى، ربما لهذا يريدونها حرباً، مثلما يغذى تجار وصناع السلاح الحروب والتوترات حتى يبيعوا بضائعهم، ولم تعد الكرة فقط اجوان، لكنها اجوان وصفقات وأرباح، والإعلام الرياضى جزء من الصفقات، وتتحول الساحرة المستديرة، إلى ساحرة شريرة.

فى كل معركة وكل حرب هناك من يربح من الحرب، أكثر مما يربح من المباريات، سياسة ومال وخلافه، والوقود هؤلاء الغلابة الذين يتصور الواحد منهم أنه يدافع عن قيمة، بينما هو يدافع عن آخرين يربحون أكثر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة