المشكلة تتعلق بعشرين قيراطا فى كفر عصام بطنطا، استولى عليها المستأجر وقام بالبناء عليها بدون سند قانونى، السلطة الوطنية أصدرت العديد من قرارات الإزالة، لم ينفذ منها قرار واحد، فاضطرت السيدة سميحة متولى بدوى (الأمريكية من أصل مصرى) إلى اللجوء إلى الرئيس أوباما، تطلب تدخل السلطات الأمريكية لاستعادة أرضها (هى وأختها المعاقة ذهنيا)، فأرسل لها «اتصلنا بالسفارة الأمريكية فى القاهرة وأكدت استعدادها لمساعدتك»، ونصحها باللجوء إلى مساعد النائب العام للتعاون الدولى بمصر المستشار مصطفى خاطر، وقال لها فى رده إن مكتبه يقع بدار القضاء العالى بالدور الأول، واختتم الرئيس رده «إن احتجت إلى مساعدة من أى نوع فعليك الاتصال مجددا بالبيت الأبيض« وترك لهارقما خاصا بموظفة تعمل فيه.. عندما قرأت هذا الخبر فى «الشروق» الخميس الماضى، وتأكيد سكرتير محافظة الغربية «أن مديرية الأمن تقوم بعمل دراسات أمنية لإمكانية إزالة المبنى»، تأكدت أن عدم تنفيذ القانون فى الداخل وعدم اهتمام المسؤولين بشكاوى الناس ورغباتهم وطموحاتهم، ربما يدفعان إلى اعتبار الاستقواء بالخارج حلا، الرئيس الأمريكى برده يقوم بعمله ويبدو حريصا على ممتلكات رعايا الدولة التى يرأسها، حتى لو كانت فى طنطا، ولا أدرى هل كان سيرد على الأمريكيين من أصل فلسطينى لو أرسلوا خطابات مماثلة يطالبون فيها بعودة أراضيهم التى احتلتها إسرائيل بدعم أمريكى؟ تزامن نشر الخبر «الرمزى» مع الزوبعة التى صاحبت الوفد الذى سافر لمناقشة «مستقبل الديمقراطية فى مصر» فى نيويورك، واتهام المشاركين بالاستقواء بأمريكا، اعتبر حسن نافعة الهجوم الذى تعرضوا له وسيلة لتصفية حسابات شخصية، «ويدل على فقر حياة سياسية تبدو مصابة فى مصر بمرض عضال قد لا تبرأ منه أبدا»، وأضاف فى مقاله الأسبوعى بـ«المصرى اليوم» وأيضا إلى فقر صحافة بما فيها الصحافة الخاصة أو «المستقلة»، التى مازال أمامها مشوار طويل جدا يتعين عليها أن تقطعه قبل أن تكتمل لها مقومات المهنية المطلوبة، نافع رجل مخلص لا شك، ولا يستطيع أحد أن يشكك فى نواياه الحسنة هو والوفد الذى سافر وخصوصا أستاذنا الكبير محمد أبو الغار أو جورج إسحق ( الذى يحلو لى أن أقول له كلما التقيته بأنه زعيمى المباشر) أو المستشار محمود الخضيرى، ولكن أن يعتبر أشخاص مهما علت قاماتهم أن من يخالفهم الرأى أو ينتقدهم يعمل لصالح النظام، فهذا غير مقبول، كأن العمل العام تم اختزاله فى خناقة بين طرفين، أحدهما اعتبر أن التغيير الإلكترونى يحتاج دعما كونيا دون دفع ضريبة حقيقية فى الداخل. نيفين مسعد كتبت مقالا رائعا فى «الشروق» لم تتطرق فيه للمؤتمر النيويوركى إلا فى السطر الأخير، ولكنها ذكرتنا بتاريخ أمريكا فى قمع الديمقراطية التى لا تتناسب مع مصالحها، منذ إطاحة حكومة مصدق المنتخبة فى إيران سنة 53، إلى التواطؤ لإطاحة السلفادور الليندى الرئيس الشيلى المنتخب فى 1977، وعدم الاعتراف بنجاح حماس فى 2006، وتحالفها مع برويز مشرف الديكتاتور العسكرى فى باكستان، وصولا إلى الانتخابات السودانية الأخيرة التى علق عليها الجنرال سكوت جريشن مبعوث الرئيس الأمريكى للسودان «كلنا نعلم أن الانتخابات مزورة وواجهت صعوبات عدة، لكننا سنعترف بها من أجل الوصول إلى استقلال الجنوب وتفادى العودة إلى الحرب»، ولهذا يحق لنا أن نغضب من جورج إسحق عندما يقول: «أصل هم لا مؤاخذة أسيادهم فى البيت الأبيض، ولا يسمعوا لأحد إلا إذا جاء من البيت الأبيض»، وعندما يقول للمصريين «أنتم تعيشون فى بلد حر.. أمريكا»، دون أن ترد لذاكرته صور معتقلات جوانتانامو وأبى غريب ومجازر بحر البقر وتدمير العراق وحصار غزة.