طيب.. دعونا نعبر معا مرحلة التنبؤات والكلام الشبحى الذى لا قدم له ولا ذراع، ودعونا نستغل حقنا الطبيعى فى السؤال.. أيوه فى السؤال الذى نهدف من ورائه فقط أن نحصل على حق معاشرة ذلك الكائن الخرافى المسمى بالأمن والأمان، دعونا إذا نطلب من السيد حبيب العادلى وزير داخليتنا المصونة ومن السيد حسنى مبارك رئيس جمهوريتنا الأكثر صيانة أن يطمئن قلوبنا الضعيفة وعقولنا التى لا تخلو من دبابيس الشك ونفوسنا المريضة التى تتوهم وتنبت فى أحلامها خيالات تقول بأن الحكومة الشريفة العفيفة، خفيفة العقل ثقيلة الوزن لا تهتم بأرواح مواطنيها ولا بأمنهم ولا سلامتهم.
وقبل أن تدافع عن ذلك الاتهام الصادر من الوعى واللاوعى تعالَ نعد لطرف الخيط ونطرح سؤالنا المشروع وهو.. هل حبيب العادلى ووزارة داخليته وما ظهر من جهازه الأمنى وما بطن قادر على تأمين مصر وحماية أرواح مواطنيها من تهديدات الخلايا النائمة ومافيا السرقة بالإكراه والعصيان الغليظة لضباط الشرطة، بل هل يستطيع حمايتنا مما يسمى بالقنبلة البشرية ذلك الخطر الجديد الذى تربى وترعرع تحت بير السلالم، وفى الجوامع والمدارس والغرف المكدسة بعشرة أشخاص يأكلون وجبة واحدة فى اليوم؟ هل هو قادر على حمايتنا نحن أهل مصر من اليأس الذى بدأ يملأ نفوسنا ويدفعنا للانتحار أو ممارسة البلطجة على خلق الله.
السؤال مرة أخرى يقول هل حبيب العادلى قادر على حماية مصر من ملايين لم يعد أمامهم فى المرحلة القادمة أى شىء يدافعون به عن حريتهم وقوت يومهم ومستقبل أولادهم سوى نفوسهم؟.هل الجهاز الأمنى فى مصر قادر على مواجهة أكثر من 9 ملايين قنبلة بشرية جاهزة للانفجار فى شوارع مصر من أجل الحصول على لقمة عيش نضيفة أو حتى كوب مياه ملوث أو العيش دون البقاء تحت رحمة قانون الطوارئ، ودون الخوف من تعذيب مخبر أو ضابط لم يعرف للرحمة معنى.
يعنى هل حبيب العادلى والنظام قادر على حماية نفسه وحماية الوطن من ملايين المصريين الذين حاولوا بكل الطرق أن يطالبوا الحكومة بحياة سليمة، وفى النهاية لم يعدم أمامهم سوى طريق واحد للاعتراض وممارسة حقهم المشروع فى الدفاع عن الوطن ومستقبله.. هو التضحية بالنفس حتى تصل أصوات أوجاعهم للحكومة الطرشة أو الطنشة التى لا تسمع أنات وأوجاع الملايين فى بيوتهم وتقمع وتقهر أصوات الآلاف فى مظاهرات وسط البلد.
صحيح أن التضحية بالنفس بدأت على شكل انتحار فردى شاهدنا صوره البشعة فوق كوبرى قصر النيل دون أن نفهم أن تلك الصورة لذلك المشنوق المتدلى من فوق الكوبرى الأشهر فى مصر ما هى إلى بداية طريق سيتحول الانتحار فيه إلى فعل جماعى، ولن يكتفى كل صاحب يأس أو كل حامل للهموم أن يشنق أو يفجر نفسه فقط، بل سيسعى لأن يأخذ معه الكثير من الأرواح الأخرى فى محاولة للانتقام من العالم قبل رحيله منه..
وأرجوك ولا تحاول أن تسأل أو تستفسر أو تتذاكى وتقول وما الذى يدفع المصريين لتفجير أنفسهم لأنه، وكما قال الروسى الشهير "دوستويفسكى" فى إحدى دراساته المتعددة عن الإرهاب أن عمليات تفجير النفس (من السهل إدانتها، ولكن من الصعب جدا فهمها).. بس إحنا فاهمين وعندنا السبب.. إحنا طهقنا!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة