فتحت قضية بيع جزيرة آمون، ومن قبلها أرض ميدان التحرير، والأراضى الصحراوية من جديد ملف التزاوج بين المال والسلطة والنفوذ فى مصر، ودور رجال الأعمال الوزراء، والمتنفذين فى الحزب الوطنى الحاكم والذى لم يثمر عن شىء سوى عن سياسات أدت الى انتشار الفساد، وتحوله الى منظومة كاملة فى المجتمع، واحتكار لصالح أصحاب النفوذ، واستيلاء على المال العام وأراضى الدولة.
تجربة الاستعانة برجال أعمال فى الحكومة، تزامن مع بروز دور » لجنة السياسات« فى الحزب الوطنى فى الحياة السياسية والاقتصادية، وما تمثله من رافد أساسى وأصيل لرجال الأعمال الذين يشكلون القوام الرئيسى للجنة، لتولى الحقائب الوزارية، وخاصة فى حكومة الدكتور أحمد نظيف والتى تضم 4 وزراء من رجال الأعمال.
النتائج إذن لم تؤت بالثمار المرجوة، فالقطاع الخاص عموما لم يدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، ولم يحقق ما كانت الدولة تنشده وفق نهجها الاقتصادى، فاضطرت معه إلى إيقاف «قطار الخصخصة» السريع أوشل حركته مؤقتا وحتى إشعار آخر.
والدور يأتى الآن على رجال الأعمال الوزراء الذين صعد نجمهم فى عهد الدكتور نظيف، وكانت النتيجة أيضا استغلال مناصبهم ونفوذهم لصالح أعمالهم ومشاريعهم الخاصة، وكشفت فضيحة جزيرة آمون استحالة الفصل بين منصب الوزير السياسى، وكونه رجل أعمال يتولى رئاسة شركات لها نشاطاتها وأعمالها المتداخلة مع المال العام، وما ينتج عن ذلك من استغلال نفوذ ومحسوبيات لرجل الأعمال الوزير. إذن المعطيات تؤشر إلى ضرورة التراجع والاعتراف بالفشل فى تجربة رجال الأعمال الوزراء والسياسيين، واللجوء إلى قاعدة معايير واضحة لاختيار الوزراء بعيدا عن العلاقات الشخصية والمصالح والنفوذ.
اختيار الوزراء فى العالم كله يتوقف على وعى الوزير السياسى، فلابد على أى وزير أن يكون رجلاً سياسيا فى المقام الأول، فلوتم اختيار وزير مهنى كأساتذة الجامعات، فلابد أن يكون له ممارسات سياسية، وخبرات فنية، ومؤهلات علمية، وهوما نفتقده فى مصر عند اختيار الوزراء الذين يأتى غالبيتهم بالصدفة، والتربيطات، والشللية، علاوة على تولى رجال أعمال تسيير أعمال شعب، لايشعرون بمأساته ومعاناته.