أكبر مكافأة صحفية حصلت عليها كانت من صحيفة «صوت الكويت» التى صدرت من القاهرة ولندن بعد احتلال دولة الكويت عام 90، وكانت مقابل حوار صحفى اعتبره القائمون على الصحيفة ومدير مكتبها فى القاهرة الأستاذ نبيل سويدان مشكورا- من الحوارات المميزة والجيدة. المكافأة كانت حوالى 300 جنيه، وبمقاييس عام 91 توازى الكثير جدا الآن.
أما الحوار سبب المكافأة فكان مع المبدع الراحل أسامة أنورعكاشة وكان فى ظنى واحدا من أجمل الحوارات الصحفية طوال مشوارى المهنى. على مساحة صفحة كاملة فى «صوت الكويت» كان الحوار حول ملحمة «ليالى الحلمية» التى ستظل فى رأيى أيقونة إبداعات وأعمال أسامة أنور عكاشة الدرامية، إلى جانب أعماله الرائعة الأخرى، مثل وقال البحر وعلى أبواب المدينة وأرابيسك والشهد والدموع والراية البيضا وزيزينيا.
لن ينسى جيلنا زهرة وعلى البدرى وقصة الحب التى جمعت بينهما صعودا وهبوطا على وتر الصعود والهبوط السياسى والاجتماعى للمجتمع المصرى طوال فترة الخمسينيات والستينيات ثم السبعينيات وما بعدها، والتى رصدها بحرفية مبدع وعبقرية مثقف مثل أسامة أنور عكاشة فى ليالى الحلمية التى لم تكن مجرد مسلسل تليفزيونى، بقدر ما كانت سجلا سياسيا واجتماعيا لدفتر أحوال مصر خطه أسامه بإبداعه على مدار أكثر من نصف قرن، وأثارت معه جدلا سياسيا غضب منه بعض التيارات السياسية، وأعجب به البعض الآخر. الوفديون اعتبروه مناصرا للزعيم جمال عبدالناصر وفترة حكمه، والناصريون اختلفوا معه حول تقييمه للمرحلة الناصرية خاصة بعد هزيمة يونيو، حتى بعض أقلام الحزب الوطنى اتهموه بالانحياز السافر ضد إنجازات الرئيس السادات لحظة موت زينهم السماحى بعد سماع نبأ العبور فى حرب أكتوبر، واعتبروا أن موت زينهم «الناصرى» ضد فرحة النصر لبطل الحرب والسلام.
قال لى أسامة أن على البدرى كان صديقا حقيقيا فى الحياه، وكان رمزا لجيل متحمس.. حالما وبريئا، آمن بانتصارات يوليو وزعيمها، وانكسر معه، ولم يحتمل تحولات السبعينيات وتيه ما بعدها، فهاجر ومات غريبا.
مات أسامة مثل على البدرى لأن الزمن كان قاسيا ولم يترك جيله بريئا حالما، وأخذه فى «طريق مامنوش رجوع».