من حيث أراد الحزب الوطنى أن يبدو ديمقراطيا تعدديا فقد جاء يكحلها عماها، وبعد أن اكتسح مرشحو المجمع أغلبية المقاعد بالتقفيل الحر المباشر، ترك أربعة مقاعد يتيمة لمرشحين قال إنهم من المعارضة، واحد تجمع وواحد ناصرى، وواحد من حزب الغد أبو شرطة، وواحد من حزب الجيل.
أى أن الحزب اختار تشكيلة معتبرة، من أربع مقاعد، لم يقل إنه منحها بالتقفيل، ولا أنه أعطاها لزوم الديكور الذى لا يضر، لكن حزب التجمع فى دمياط مثلا أصدر بيانا أدان فيه التقفيل سواء أكان لمرشحه أو لغيره، وفى الدرب الأحمر قال مرشح الوطنى الخاسر إن منافسة فى حزب الجيل لم ينجح فى انتخابات مجلس الآباء لمدرسة ابنه، بل وخسر فى انتخابات الشعب الماضية ولم يحصل على مئات الاصوات وبقدرة قادر حصل على آلاف. إنها القدرة اللانهائية على ملء الصناديق، كما أن مرشح الغد ترشح فى دائرة غريبة عنه ومع هذا نجح واكتسح.
وطبعا فإن الفائزين الأربعة قالوا إنهم نجحوا بمجهودهم، وأنهم سهروا الليالى وطلبوا العلا والشورى، وأن برامجهم هى التى فازت، مع أن بعضهم لا يعرف ما هو برنامجه، ولا يمكن طبعا أن يقولوا إن الحزب الوطنى قفلها من البداية، أيضا فإن الوطنى معانا فى مقرطة الانتخابات اكتسح مرشحى الإخوان جميعا، ولم ينجح منهم أحد، لكنه فى الواقع قدم لهم خدمة جماهيرية، عندما وضعهم بوصفهم المنافس الوحيد، وحتى الذين يختلفون مع الإخوان رأوا الموضوع واسعا، بل إنهم رأوا أن الانتخابات منحت مرشحى الجماعة قوة جديدة.
الحقيقة إن السيناريو الذى نفذه الحزب الأغلبية ضعيف وفج وكانت النتائج أحيانا مضحكة، منها أن مرشحين ذهبوا فى الصباح الباكر يوم الانتخابات فاكتشفوا أن الصناديق تم تقفيلها من الثامنة صباحا، وقال لهم المشرفون : خلاص روحوا وتعالوا اعرفوا النتيجة بالليل"، أو أن قيادات الوطنى اتفقت مع محترفين لتقفيل الصناديق، لكنهم اكتشفوا أن عدد البطاقات فى الصناديق أكبر من عدد الناخبين والسكان، فكان من المهم نزح الأصوات الزائدة من الصناديق، ومرشح حصل على أصوات أقل من عدد مندوبيه وأقاربه الذين صوتوا لصالحه.
أما لعبة الأصوات وقولهم إن مرشحا حصل على مائتى ألف أو أكثر من الأصوات فقد كانت مثار نكتة فى الأحياء والقرى، لأن من ذهبوا لا يمثلون ثلاثين فى المائة من الأصوات، كما قالت اللجنة المخصصة لإعلان النتائج، والذين ذهبوا للتصويت لا يتجاوزون الثلاثة فى المائة وربما أقل، لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقع أن يخسر الوطنى، لكن القضية أن التقفيل والتزوير كان أكثر من اللازم والنسبة المسموح بها دوليا ومحليا.