أقرب تصور عند الحكومة المصرية لعلاج الأزمات الاقتصادية هو رفع الأسعار، ويأتى شهر يوليو من كل عام مسبوقاً بكوابيس احتمالات رفع الأسعار دون أن يكون هناك رفع حقيقى لقيمة دخل الأسرة المصرية، ومنذ فترة يدور الحديث حول ما يسمى بإعادة هيكلة المحروقات (البنزين والسولار)، وتعبير "إعادة الهيكلة" له سمعة سيئة عند المصريين، فهو التعبير الذى رفعته الحكومات المتعاقبة لتمرير بيع المصانع والشركات باسم الخصخصة، وهو التعبير الذى تستخدمه الحكومة فى كل مرة تريد فيها رفع الدعم، كما يحدث الآن فى مسألة البنزين والسولار.
وفى الصفحة الأولى للزميلة جريدة "الشروق" فى عددها الصادر أمس، قالت إن الحكومة استطلعت رأى المواطنين وأصحاب السيارات بفئاتهم المختلفة لمعرفة حجم استهلاكهم للوقود، وسألتهم عن مدى رضاهم عن الأسعار الحالية للوقود، وكذلك مدى الزيادة التى قد تكون طبيعية ولا تمثل عبئاً عليهم.
ويضيف تقرير "الشروق" أن الأسئلة تم توجيهها من خلال مجموعة من الشباب انتشروا على طريق مصر أسيوط الزراعى، وطريق مصر إسكندرية الصحراوى، وأنها شملت كل الفئات بما فيهم أصحاب السيارات الأجرة.
وإذا صح هذا الكلام سيعنى أننا أمام حكومة تتبع تقاليع غريبة، ولا تعرف أولوياتها، ولا تعرف كيف تتبع الوسائل الاقتصادية السليمة لتنمية اقتصادها، والشاهد على ما أقول هو فكرة الاستطلاع نفسه، فهى فكرة بائسة بكل المقاييس، لأنها تعطى إشارات على أننا فى ظل حكومة لا تملك البيانات والمعلومات الصحيحة والكافية لإدارة أزماتها، كما أنه من البديهى أن أى مواطن أجاب على أسئلة الاستطلاع سيرفض حتماً مبدأ رفع الأسعار، فلاً الغنى يفضل ذلك، ولا الفقير بالطبع، كما أن خبرة المصريين فى هذا الأمر تؤكد أن رفع أسعار البنزين والسولار يعنى رفع أسعار باقى السلع، فهل يعقل أن يأتى الناس بالمصيبة إلى بابهم من خلال استطلاع يقولوا فيه مثلاً: "نعم نحن نوافق على رفع الأسعار".
هى فكرة طائشة، والمفيد منها أننا مقبلون على موجة جديدة لرفع الأسعار تزيد الفقير فقراً، لكن المثير فيها هذه المرة أننا قد نجد الحكومة تبرر فعل رفع الأسعار، بأنه تم بإرادة الناس عبر استطلاع ديمقراطى، فهل هذا معقول؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة