هذا العنوان ليس على أرضية الإحباط، وليس لأن طرفى الصراع لا يريدان الوصول إلى حل، ولكن بسبب عدم الاقتراب من السؤال الأساسى وهو: ماذا نفعل عندما يكون بين القضاة وأى فئة فى المجتمع نزاع أو خصومة؟
فالأمر يتعلق بجوهر العدالة، أى أن الطبيعى والبديهى ألا يكون الخصم هو الحكم، ومن ثم ليس منطقيا أن يتولى أعضاء النيابة والقضاة الحكم فى قضية هم طرف مباشر فيها، وهذا لا علاقة له بالنزاهة التى لا شك فيها، ولا علاقة له بأن المحامين على حق، ولا أن القضاة جانبهم الصواب، ولكنه يعنى ضرورة أن البحث والتفكير فى آلية قانونية مستقلة يمكن من خلالها الحكم فى مثل هذه النزاعات.
ولذلك فالكلام عن تطبيق القانون من جانب بعض القضاة غير دقيق، لأنه يعنى، وهم طرف فى الخصومة أن يتولوا هم تطبيق هذا القانون، ومن ثم فالطبيعى أن يثور الجدل، وهو لا يليق بالقضاة والقضاء.
فلو افترضنا جدلا أن طرفى النزاع توصلا إلى الاتفاق على بروتوكول يلتزم به الطرفان، فهناك العديد من المشاكل، أولها أنه لن يعبر عن توازن حقوق ولكن عن توازن قوى، والحقيقة أن القضاة هم الأقوى حتى الآن، فهم الذين يحققون ويصدرون قرارات الحبس وهم الذين يصدرون أحكاما بالسجن.
ثم إذا تم الإخلال بهذا البروتوكول أو الاتفاق، فمن هو الحكم، هل هو نقابة المحامين أم نادى القضاة، أم القضاة أنفسهم على منصات المحاكم؟
إذن هذا هو السؤال الأهم، لأن الأزمة ليس جوهرها أخطاء فردية من هذا الطرف أو ذاك، وليس حلها مزيدا من سجن المحامين ولا مزيدا من الإضرابات غير محددة الهدف، فالأولى بالاجتهاد والمناقشة من جانب الرأى العام ومن كل الأطراف هو كيفية وجود هيئة مستقلة عن طرفى النزاع نحتكم إليها، ونضغط من أجل وضعها فى قانون، وبذلك ننزع فتيل غضب القضاة والمحامين ونتمكن من حساب كل المتجاوزين من كل الأطراف، ونضمن العدالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة