اعتقلت الشرطة العراقية الشيخ جمعة عيسى الدهيمة، لأنه يصر على إبقاء اسم المسجد كما هو منذ تأسيسه "مسجد صدام الكبير"، رافضا أن يكون اسمه تكريت على اسم أكبر مدينة فى محافظة صلاح الدين، وعبر عن رأيه بالكتابة على حوائط المسجد، وطبقا لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية فإن الرجل كانت لديه مبررات منطقية، فقد رفض تغيير الاسم مرارا عندما طلب منه ذلك معللا الأمر بأن (الرئيس السابق) صدام حسين، بنى المسجد الكبير ويعتبر تاريخا مضى. ويجب أن يحافظ سكان تكريت على ما يتذكرون به صدام".
الحقيقة أن الرجل محق، فأيا كان العداء السياسى مع الرئيس الراحل صدام حسين، من قبل الإدارة الأمريكية أو السلطة الحاكمة فى العراق والنخبة السياسية، فهو جزء من التاريخ السياسى للبلد، ولا يمكن لأى من كان أن يمحوه، بل دعنى أقل إنه ليس من حق أحد أن يمحوه مهما كانت المبررات.
ثم إن هذا المحو من الوجود لا يتسق مع الشعارات التى يرفعها القادة الجدد للعراق حول الديمقراطية والحرية، فأى حرية هذه التى تحرم شعبا من جزء من تاريخه، وأى حرية هذه التى تتيح اعتقال مواطن لأنه كتب وقال رأيه، وأى حرية هذه التى لا تستجيب لمطالبة عدد من نواب المحافظة بإطلاق سراح الرجل نظرا لمعرفته "المعمقة" بأمور الدين، كما أنه من شخصيات تكريت وعضو هيئة علماء الدين فى محافظة صلاح الدين.
هذا لا يعنى بالطبع دفاعى عن الرئيس الراحل للعراق، فقد كنت وما زلت أراه مستبدا ووحشيا وهو السبب فى تدمير دولة العراق، ولا يمكن الدفاع عنه أو تبرير جرائمه فى حق العراقيين، ولكن هذا لا يعنى أبدًا أن يتم محوه من التاريخ.
الأمر الثانى هو أنه لا يجوز عقاب مناصرى الرئيس السابق لأنهم يرون فيه مميزات، كما أنه لا يجوز حرمان حزب البعث من التواجد السياسى، طالما أنه يلتزم بقواعد الديمقراطية وطالما أنه لا يستخدم العنف فى مواجهة خصومه. . لا يمكن محاربة الاستبداد بالاستبداد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة