تصريحات السيد جمال مبارك، أمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم، دائما ما تكون مثيرة للاهتمام والجدل لأنها تصدر عن الرجل المسؤول الأول عن المطبخ السياسى للحزب الحاكم. وقد تعجب تصريحات السيد جمال بعض الناس خاصة عندما يتحدث عن الفقر والفقراء ومحاربة الفساد واعتبار تلك القضايا على رأس أولويات اهتمام حزبه فى برنامجه الانتخابى.
لكن السؤال هو: إلى أى مدى يصدق الناس تصريحات أمين السياسات أو أمين التنظيم أو كل الأمناء بالحزب الوطنى؟
السيد جمال مبارك أعاد إنتاج تصريحاته المعتادة منذ مؤتمر «من أجلك أنت» والتى يبدو أن البعض أقنعه-كذبا- بأن تلك التصريحات لها تأثير إيجابى لدى الناس وخاصة عندما يتحدث عن معاناة الفقراء ومواجهة الفساد وبالمرة البرنامج النووى.
قال جمال مبارك خلال لقاء الأسبوع الماضى مع أعضاء لجنة الشباب بأمانة السياسات وأعضاء أمانتى الشباب والمرأة إن محاربة الفساد واحترام حقوق الإنسان يأتيان ضمن أولويات البرنامج الانتخابى الجارى إعداده انطلاقا من إيمان الحزب بهذه المبادئ والتى تضمنتها مبادئه الأساسية..!
بالتأكيد ليس هناك أجمل من كلام السيد جمال ولكنه فى نهاية المطاف مجرد كلام لا يحمل أى مضامين أو برامج عملية لجعله أمرا واقعا وخاصة عندما يتحدث عن الفساد الذى يعتبر من أعظم إنجازات الحزب الحاكم فى الثلاثين عاما الأخيرة.
فماهى خطة أمين السياسات فى مواجهة الفقر وسرطان الفساد المستشرى فى جسد المجتمع المريض من القمة إلى القاع.. فهل من المعقول أن يعلم القاصى والدانى أين يكمن الفساد فى مصر ولا يعلمه السيد جمال مبارك وكيف بلغ «الركب» وساد حتى كاد أن يسد الأنوف وأصبح قاب قوسين أو أدنى كثيرا من خنق الجسد.
ما نرجوه وندعو أمين السياسات إليه أن يعلن خطته حتى لايتحول كلامه إلى مجرد كلام عابر و«شو» انتخابى، وحتى يكتسب كلامه مصداقية وواقعية تتماشى مع واقع الفساد المفزع والفقر المرعب، وننصحه- إذا كان لنا بعض من الحق فى النصيحة- أن يطالع التقارير الحكومية والدولية التى بح صوت مسؤوليها عن واقع الفقر والفساد فى مصر فى ظل تجاهل كبار الحزب الحاكم والمستفيدين منه، واتباع سياسة الطين والعجين، وحكمة لا أرى ولا أسمع ولن أتكلم أو أتأثر.
فالتقارير الرسمية الحكومية لديها من الأرقام الكثير عن قضايا الفساد التى يشير بعضها إلى حدوث قضية فساد مالى وإدارى فى مصر كل دقيقتين بواقع 180 قضية يوميا إذا ما قورنت مع عدد ساعات العمل الرسمية للموظف فى مصر، وخلال عامى 2008 و2009 تم إهدار 29،3 مليار جنيه بسبب الفساد الحكومى. ولذلك فإن مصر تأتى فى المرتبة 115 من بين 134 دولة فى مؤشر مدركات الفساد الدولى والخاص بقياس انتشار الفساد بين المسؤولين فى أى دولة.
فكيف سيواجه السيد جمال مبارك منظومة الفساد فى مصر؟.