لم يتسن لى أن أتعرف على السيناوى مسعد أبو فجر، لكنى تعرفت عليه بصفته معتقل مزمن منذ ثلاثين شهرا، ظلت قضيته ساخنة، وتعاطفت معه لأننى لم أعرف أبدا لماذا هو معتقل؟، ولا أى نوع من الخطر يمكن أن يمثله روائى أو مثقف.
مسعد أبو فجر من نشطاء سيناء، اعتقل بعد واحدة من اشتباكات السيناوية مع الشرطة، وتم تجديد الاعتقال، أو رفض الإفراج، طبقا لقانون الطوارئ، غير المفهوم، وتم الإفراج عنه مؤخرا، ضمن حالة التهدئة بين السيناوية والأمن، وبناء على اتفاقات لنزع فتائل الصراع الذى يتجدد كل فترة، لأن أسبابه قائمة.
مسعد أبو فجر يرفض، مثل كثيرين من السيناوية، وصف"البدو" على سكان سيناء، والسيناوية وصف أكثر صحة من البدو، لأن البدو يصف حالة وليس جنسية، والسيناوية مصريون بالدم والأرض والتاريخ، ومن الظلم أن يتم التعامل معهم على أنهم أغراب لمجرد أن لهم عادات وتقاليد تتماشى مع جغرافيا سيناء وتاريخها، مثلما للصعيد وبحرى طبيعته الخاصة، أو لأن قدرهم جعلهم على الحدود الساخنة.
السيناوية لا يشعرون بالرضا، ويطاردهم الظلم، والشكوك، مع أنهم مثل باقى سكان أقاليم مصر فيهم الصالح والطالح، والطيب والشرير، وغضبهم مبرر ومفهوم، لأن لهم مطالب مشروعة، فى وطنهم.
سيناء لها طبيعتها الخاصة، لكونها محافظات حدودية، لكن هذا لا يبرر الظلم والمواجهات التى تقع بين فترة وأخرى بين السيناوية والأمن، فالسينانوية منذ سنوات وهم يتصادمون مع الحكومة، ولديهم مطالب اقتصادية واجتماعية، لا يشعرون بأى عائد من الاستثمارات السياحية فى إقليمهم، ولديهم مطالب بتملك الأراضى، ورغبات فى أن يتم التعامل معهم كمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات. وليس مجرد ملف أمنى، انتخابى تلعب فيه المناورات دور البطولة.
السيناوية واقعون بين مطرقة الحكومة والبيروقراطية وسندان إسرائيل، فهم بعيدون عن مكاسب الاستثمارات السياحية على أراضيهم، ومتهمون بأن تم التعامل معهم بعنف فظ عقب تفجيرات طابا وشرم الشيخ، وليس لدى أغلبهم أنشطة اقتصادية واضحة، ويتم التعامل معهم بالتعميم، وينظر لهم على أنهم متهمون حتى يثبت العكس. هناك شكوك فى ولاء بعضهم أو ضلوعهم فى تجارة أو تهريب المخدرات، ويتم تعميم الاتهامات، واعتقال أو قتل السيناوية بدون تهم واضحة، وهى أسباب لإشعال الصراع مع الأمن.
السيناوية يرفضون التعامل معهم كملف أمنى، يتم توظيفه حسب الطقس السياسى، والمزاج الأمنى، ومنهم من دفعوا الكثير بسبب الحرب وحرصوا على وطنهم ودافعوا عنه دون أن يحصلوا على عائد تضحياتهم، وأحيانا تعايرهم إسرائيل بأن حياتهم كانت أكثر رواجا تحت الاحتلال، السيناوية التهاب يضيف للفشل الرسمى يواجهون الظلم والشك، وإذا تزوجوا من إسرائيليات يتهمون بأنهم يعكرون وطنيتهم. بينما الخطأ الرئيسى فى التخلى عنهم من النظام الذى يفترض أنه يدير دولتهم.
الظلم والفقر والمرض أسباب كافية لتشويه النفوس، وطالما يتم وضع الملفات المهمة فى أيدى الأمن أن يكون الأمن هو المتهم الرئيسى، وكلما ابتعدت الدولة عن مواطنيها ابتعدوا عنها إلى أنفسهم، وتجاهل المشكلات الصغيرة يجعلها كرة ثلج، لكنها ساخنة تغلى.
سيناء مثل مصر تحتاج إلى دولة، وليس إلى حلول ومناورات موضعية، وأن يوجد من يستمع إلى مسعد أبو فجر وأمثاله، ممن يطالبون بالتعامل مع سيناء، كجزء من مصر، وليس كملف أمنى وأن تتوفر لهم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، الارتجال وحده لايكفى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة