من حق نواب قرارات العلاج على نفقة الدولة أن يكونوا فخورين بما فعلوه، فهم لم يرتكبوا جرماً، فحسبما قالت نائبة الحزب الوطنى جمالات رافع، وعندها حق، فهى لا تتصور أن تكون كل جريمتها أنها استخرجت قرارات علاج لغير القادرين من أبناء دائرتها طوخ فى القليوبية، كما قالت للمصرى اليوم منذ عدة أيام، فهى لم تكن تعرف السقف المحدد مالياً لهذه القرارات حتى لا تتجاوزه.
ولعل القارئ الكريم يتذكر أن رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحى سرور اعتبر فى بداية هذه الأزمة أن ما فعلوه النواب "شطارة"، فهم يتنافسون لخدمة أهالى دوائرهم، أى أن أستاذ القانون الكبير لم يرَ فى الأمر جرماً بالمعنى الجنائى وهو محق.
بالطبع أنا لا أتحدث عن هؤلاء النواب المتهمين بالتربح من تجارة الاستثناءات، سواء بالحصول على رشاوى مالية أو ببيع الأطراف الصناعية المدعومة، فهذه جرائم إن ثبت صحتها يعاقب عليها القانون، ومن ثم فهؤلاء القضاء هو الذى يتولاهم.
لكن المشكلة أن الجريمة التى ارتكبها هؤلاء النواب لا يعاقب عليها القانون، وهم بالمناسبة من الوطنى والمعارضة، هو أنهم استغلوا أموال دافعى الضرائب فى الدعاية السياسية لأنفسهم، وهى بدون شك خطيئة سياسية، لكن القانون لا يجرمها، بل ودعنى أقول إن النخبة السياسية (مؤيدة ومعارضة) تشجع عليها، وتدفع فى اتجاهها، بل يمكنك القول ما هو أكثر من ذلك، أن هذه الاستثناءات غير الأخلاقية أصبحت ثقافة سائدة فى بلدنا فى الصحة وغيرها.
وبالتالى فالمجرم الأساسى هو الحكومات المتوالية التى فتحت باب الاستثناءات للنواب ولكل الكبار وأصحاب النفوذ، ثم تأتى الآن وتحاسبهم، فى حين أن الحزب الوطنى الحاكم هو الذى يجب أن نعلق له المشانق، ولابد أن نحاسب قوى المعارضة التى تواطأت معه بشتى الطرق، حتى لا يكون لدينا نظام علاج محترم يكفل لكل المواطنين ذات فرص العلاج داخل مصر وخارجها، الوزير مثل الغفير، والرئيس مثل العامل، وأصبح مثل صديقى الذى يعيش فى ألمانيا ويعالج فى ذات المستشفى الذى يُعالج بها الرئيس مبارك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة