تستطيع أن تسميه البائع الفيلسوف، فأسامه نايل بائع مثقف يحترف صناعة مستلزمات المصيف كشماسى وكراسى البحر، فى شارع رمسيس، فى محل عمره ستون عاماً، حيث أسسه والده عام 1949 وكان وقتها ثانى شخص فى مصر يصنع كراسى وشماسى البحر، حتى تسلم أسامة الراية من والده فى التسعينيات.
أسامة يفخر بأنه يصنع الكراسى والشماسى بضمير وإخلاص رغم أن لديه عملا آخر ثابتا، فهو خريج كلية الخدمة الاجتماعية قسم اجتماع، ويعمل مديرا عاما بالمجلس القومى للشباب، ولم يمنعه عمله الحكومى من مزاولة مهنته، يقول أسامة: أنا ولدت فى هذه المهنة وتربيت فيها، ولم تمنعنى دراستى عنها وأنا حين أبيع كرسى أو شمسية أريد أن يشكرنى الزبون ويقدرنى، فيأتى لى مرة أخرى، فالمال لا يفرق معى، والحمد لله شغلى فى المجلس القومى ومرتبى مكفينى.
يتحدث أسامة بعد ذلك عن أسعار الشماسى والكراسى حاليا مقارنا إياها بالصناعات الصينية فيقول: «تختلف أسعار الكراسى والشماسى حسب أنواعها وأحجامها فمثلا الشمسية العادية عالية الجودة تباع بـ175 جنيها، والكرسى الشازلونج يباع بـ200 جنيه، كما أن هناك كرسيا أصنعه ولا يوجد أحد فى مصر يصنعه وهو كرسى فوتيه أمريكى، رغم إن إستايله قديم لكن الزبون لم يره من قبل إلا عندى، فيظن أنه كرسى حديث، وحاليا ظهرت الشماسى والكراسى الصينى، فتجد الشمسية الصينية بـ20 جنيها لكن لا تجد متانة ولا أى شىء، شهر وتنكسر، فيشترى الزبون واحدة أخرى وهكذا، فالقليل حاليا هم الذين يقدرون متانة الشمسية المصرية وقوتها وطول عمرها الافتراضى، فمثلا تجد زبونا يدخل ويسأل عن سعر الشمسية، يجدها غالية، فيقول: «غالية كدة ليه ده الشمسية الصينى بـ20 جنيه»، فهذا زبون للأسف لا يفهم فى الصنعة، لكن بعد فترة الزبون ده هيعرف وهينقرض.
أسامة لديه أربع بنات يعلمهن أفضل تعليم، ومصمم على تعليمهن صناعة الكراسى والشماسى ليتوارثن هذا الفن الذى كاد أن يختفى، يقول: ستظل هذه المهنة مستمرة ولن تندثر حتى آخر يوم فى عمرى، لكنها ستندثر بعد وفاتى.
يحكى أسامة عن موقف مؤلم يبين الجهل الثقافى للبعض على حد قوله، يقول: «دخل لى فى يوم زبون وزوجته، فنظرت للشمسية الكبيرة وسألتنى بكام، فقلت لها بـ 175 جنيه، فقالت لى هأخدها بـ 150 جنيه بس، رفضت بشدة وقلت 175 يعنى 175، فكان زوجها يمتلك عربية حديثة واقفة أمام المحل، فوجدته يقول إنت مصمم كدة ليه، علشان شايف معانا عربية يعنى؟! فاعتبرت كلامه إهانة ورفضت البيع ولو بألف جنيه».
أسامة لا يتمنى أن يصبح محله محلا كبيرا مثل أى بائع، أو يطوره، فيقول « لا أريد تطوير المحل أو تغير ديكوره، فأنا حابب أن يبقى المحل كلاسيكى هكذا مثل ما قالته لى إحدى الزبونات حين جاءت لشراء منتجات من المحل، فقالت لى أترك المحل هكذا ولا تتطوره، اتركه كلاسيكى منذ أن أسسه والدك حتى يصبح له تاريخ».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة