انتهى موسم الصيف السينمائى بفيلمين من الأفلام التى تحسب على عالم الكوميديا «اللمبى 8 جيجا»، و«لا تراجع ولا استسلام»، ورغم أن مقصد الفيلمين وصناعهما وأبطالهما هو ذات المقصد.. «الضحك»، فإن الطرق قد تشعبت بهما، فكان القول المأثور تعددت الأسباب ولكن الضحك واحد. قد تبدل فى حالة هذين الفيلمين، اللمبى الذى لعب فى المضمون وعليه، الشخصية التى أحبها الجمهور ودفع فيها الملايين سابقاً أغرت صاحبها محمد سعد بالعودة لها بشكل كامل هذا الموسم بعد أن ظل سنوات يأخذ منها بعضا من ملامحها ويقدمها فى شخصيات مختلفة مثل «بوحة» و«كتكوت» و«بوشكاش»، ولكنه لم يحصل على النجاح الذى يتمناه.. فقرر أنه لا تراجع ولا استسلام عن العودة الكاملة للشخصية التى كانت السبب فى دفعه للصفوف الأمامية.
فعاد محمد سعد صاغراً إلى «اللمبى» دون مواربة أو تغيير ظناً منه أن إضافة التكنولوجيا من خلال «الچيچا» إلى هذه التوليفة كفيلة بإحرازه مكانته المفقودة وملايينه الضائعة المنتظرة، ولكن خاب ظن محمد سعد، فلا الجماهير ضحكت كما تصور، ولا الملايين عادت، ولا النجاح المغرى كلل رأسه، ووضعه على رأس قائمة مضحكى رواد السينما.
وظنى أن سعد يسأل نفسه: لماذا؟ فقد فعلت كل ما كان يُضحك الجمهور ودون مواربة، وعدت كما أحبونى وساندونى سابقاً فلم يخذلونى؟! وقد يضيف سعد فى نفسه قائلاً حائراً: لعنة الله على الجمهور، رقصت، وغنيت وأطلقت النكات، وقلبت نطق الكلمات، وأعدت لهم بطلهم اسماً وشكلاً، ولكنهم لا يرضون!.
ربما سيسأل محمد سعد نفسه ألف سؤال وسؤال، ولكن الإجابة لن تأتيه لأنه لا يسمع إلا صوت عقله الذى يعود إليه بصدى صوته فحسب.
وعلى الطرف الآخر يقف ممثل آخر أحبه الجمهور فى شخصية H التليفزيونية، وتعاقد معه على الضحك، وبالفعل قدم لهم نفس الشخصية ثانية فى السينما، ولكن نفس هذا الجمهور ليس على استعداد للرضا بعدم الإبداع الكامل وبالإصرار على إعطائه وجبة أكلوها سابقاً عشرات المرات وهضموها، وقالوا كفاية خلاص ولكن أحدا لا يسمعهم.
الجمهور السينمائى فى مصر طموحه ليس كطموح جمهور السينما فى العالم، فالناس فى مصر التى اعتادت على أقل القليل فى كل المجالات صارت ترضى بالقليل حتى فى مجال الفنون والإبداع، ولكن أن يركن الفنانون إلى هذه المعادلة فهذا خطأ شديد، لأن الناس والجماهير فى مصر لا يؤمن لها جانب.
وذاك هو الخطأ التراجيدى الذى يواجه كل من آمن للناس ولحبهم له، ووثق أنه لا تراجع ولا استسلام عن هذا الحب.
محمد سعد وأحمد مكى نموذجان لعدم التراجع أو الاستسلام، ولكن الفرق بينهما كبير..
من خلال أول أفلامه نجح بتقدير مناسب، ولكنه لم يكتف بهذا النجاح ويركن له، بل اعتبره مجرد بداية وخلع الباروكة التى كانت تميمة نجاحه واستجمع قواه الفنية وقدراته على تقمص شخصيات متنوعة فى موسم آخر من خلال فيلم جديد وهو «طير إنت»، وتسلح فى نجاحه بآخرين مثل ماجد الكدوانى ودنيا سمير غانم ومخرج بدا أنه صاحب عين سينمائية وهو أحمد الجندى، وإلى موسم سينمائى آخر جديد يظهر مكى فى فيلم آخر ويجذب الجماهير إلى شخصية أخرى جديدة دون عبقرية أو فذلكة وبحكاية قديمة جداً منذ زمن أفلام الأسود والأبيض حكاية تم هرسها كما قالوا فى الفيلم عشرات المرات، ولكن الجمهور يحبها لأن البطل يحكى حكاية قديمة ولكن بأداء جديد دون تراجع أو استسلام.
إذن جمهور السينما ليس بالضرورة أن يسعده الإبداع المتكامل بداية من الفكرة إلى التنفيذ إلى التفاصيل والممثلين، ولكنه يرضى بالأقل بدليل رضائه عن فيلم مكى «لا تراجع ولا استسلام».
حنان شومان
حكايات على الورق:
لا تراجع من الجمهور.. تعددت الأسباب لكن الضحك واحد
الجمعة، 23 يوليو 2010 02:24 ص