بدأت أمس فى سرد وقائع حوار أجريته مع السياسى الكبير محمد فائق رجل جمال عبد الناصر فى أفريقيا، وأستكمل..
تحدث فائق عن بداية إدارة الشئون الأفريقية، وسألته عن الجهة التابعة لها وكيف بدأت خطط التحرك نحو القارة السمراء، فأجاب: "كانت الإدارة تابعة لرئاسة الجمهورية، وتحت الملاحظة المباشرة من جمال عبد الناصر، أما خطتنا الأولى فبدأت بملاحظة أن الوضع الأفريقى معقد فى تكوينه الاجتماعى والسياسى، وبالتالى كان علينا فهم هذا التكوين فى كل دولة أفريقية، وجوانب الاتفاق والاختلاف من دولة إلى أخرى، ولم تكن لدينا أى معلومات خاصة بذلك، وعليه بدأنا فى استحداث الوسائل التى توفر لنا المعرفة الكافية، وكانت نقطة الانطلاق فى أروقة الأزهر، حيث يوجد الطلاب المبعوثون من أفريقيا للدراسة فى جامعة الأزهر، والمعروف أنه كان يوجد رواق لكل دولة أفريقية، كنت أذهب إلى الأزهر وبطرق مختلفة أتعرف على الطلاب وتوجهاتهم السياسية، وأعرف منهم التركيبة القبائلية لكل بلد، وكان من بين الطلاب أبناء لزعماء حركات تحرر أفريقية، وعبرهم كنا نرسل إلى آبائهم رسائل معينة".
أضاف فائق: كانت هذه المرحلة بمثابة التمهيد للانطلاق، تزامن معها سفرى إلى دول أفريقية بجوازات سفر غير مصرية، حيث كان ممنوعا استقبال أى مسئول مصرى فى هذه الدول، وبواسطة هذه الجولات عرفت أفريقيا أكثر، وبدأت فى التعامل معها عن قرب، وتوفر لى فرص عديدة استثمرتها فى نسج علاقات مع القبائل الأفريقية وزعمائها".
سألت محمد فائق عن الأثر الذى تركه انتصار مصر على العدوان الثلاثى عام 1956 على أفريقيا، فأجاب: "عزز انتصار 1956 من مكانة مصر وعبد الناصر فى دول العالم الثالث عموما وأفريقيا خصوصا، وأصبح عبد الناصر فى نظر أفريقيا زعيما وبطلا، وفى المقابل اهتزت صورة بريطانيا وفرنسا كاستعمار يستنزف خيرات القارة، وأذكر أن الرئيس الزامبى كاوندا الذى قاد بلاده إلى الاستقلال، قال لى وهو يقود معارك الاستقلال إن أشد ما كان يعانيه وهو يقود معاركه التحررية، أن عامة الشعب الزامبى كانوا ينظرون إلى الانجليز على أنهم جنس متفوق لا يمكن قهره، وأدى انتصار 1956 إلى تغيير هذه النظرة، وأضاف كاوندا، أن هذه النظرة لم تتغير لدى شعب زامبيا وفقط، وإنما امتد إلى كل حركات التحرر الأفريقية، أضاف فائق أن المرحلة التى تلت انتصار 1956 أدت إلى فتح مكاتب لكل حركات التحرر الأفريقية فى مصر، ومعها بدأ النشاط الإعلامى عن طريق الإذاعة المصرية باللهجات الأفريقية ".
وعن التواجد الصهيونى فى أفريقيا قبل استقلال الدول الافريقية، قال فائق: "نجحت إسرائيل فى تشويه القضية الفلسطينية لدى الدول الأفريقية، فلم يكن لدى هذه الدول مصدر فى استقصاء المعلومات عن فلسطين سوى من إسرائيل، حيث سمحت الدول الاستعمارية لإسرائيل بفتح قنصليات لها فى الدول الأفريقية، وفى نفس الوقت كان التواجد العربى غائبا تماما عن أفريقيا، وكما قلت لم يكن متاحا لنا نحن المسئولين المصريين الدخول فيها بسهولة، وكما قلت سابقا أدى هذا الأمر إلى تجولى فى أفريقيا بجوازات سفر غير مصرية، بعضها كان لبنانيا وتونسيا وسوريا ".
يضيف فائق: "أتذكر قصة سمعتها من رئيس كينيا جومو كينياتا أول رئيس لكينيا وهو الذى قاد حركة "الماو ماو" ضد بريطانيا عام 1952 من أجل تحرير بلاده، قال كينياتا قبل الحرب العالمية الأولى قامت بعثة صهيونية بزيارة لشمال كينيا وأوغندا بناء دعوة من بريطانيا للنظر فى إمكانية قيام الدولة الصهيونية فى هذه المنطقة التى تعد الأجمل فى أفريقيا، إلا أن المستعمرين البريطانيين الذين استولوا على أراضى هذه المنطقة وأقاموا عليها مشاريع اقتصادية وزراعية أزعجتهم الفكرة، فأوعزوا لرجال القبائل فيها بإثارة الذعر فى قلوب الوفد الصهيونى الذى وصل لمعاينة المنطقة، فظلوا يرقصون بحرابهم حتى الصباح حول مكان إقامة البعثة الصهيوينة، مما أثار الذعر فى قلوبهم فغادروا المنطقة على الفور ولم يعودوا إليها مرة أخرى، وبعدها استقر الأمر على فلسطين لقيام الدولة الصهيوينة".
*يتبع يوم الأربعاء.
*إلى كل الذين سألوا عنى فى فترة أجازتى أتوجه إليهم بالشكر، وأقول لهم أبادلكم محبة وتقديرا وشوقا للقاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة