لا يمكن أن نختلف حول «شوية» الحركة والحيوية التى بثها الدكتور السيد البدوى فى حزب الوفد، ولا يمكن أن نختلف أيضاً حول دماثة خلق الرجل وهدوئه وكلماته القليلة التى كانت تخرج بحساب.. أقول كانت لأن تصريح رئيس حزب الوفد الأخير بخصوص إلغاء اتفاقية السلام وقطع العلاقات مع إسرائيل فى حال انتخابه رئيساً للجمهورية تصريح مقبول أن نسمعه فى مظاهرة، أو فى جلسة على المقهى، أو من شخص مزايد يبحث عن الشهرة حتى لو كان ذلك على حساب الضحك على الناس.
بخصوص هذا التصريح الذى اعتبره أنصار حزب الوفد بطوليا، وروج له أنصار الدكتور فى وسائل الإعلام كأنه شجاعة منقطعة النظير.. أختلف مع الدكتور رئيس حزب الوفد وأخبركم ألا تنتظروا شيئاً من حزب الوفد إن كنتم قد استبشرتم خيراً بكل الأسماء الرنانة التى نجح الدكتور فى ضمها إلى حزبه، متفوقا بذلك على الأهلى والزمالك اللذين عاشا موسم انتقالات من أسوأ ما يكون.
تصريح الدكتور البدوى، مع كامل احترامنا له وتمنياتنا أن يصبح يوماً حقيقة على اعتبار أنه سيكون رداً عملياً على كل التجاوزات الإسرائيلية فى حق مصر، وفى حق المنطقة العربية عموما، تصريح شعبى من الدرجة الأولى، يخلع عن صاحبه رداء الحنكة السياسية والدبلوماسية المفترض وجودها فى رجل يتطلع إلى كرسى السلطة، فالدكتور البرادعى الذى يشعل خصومته مع النظام الحاكم كل يوم بتصريح مختلف فى وسائل الإعلام الأجنبية لم يسقط فى هذا الفخ، رغم كل محاولاته لتنصيب نفسه زعيماً للمعارضة.. وأنت تعلمون أن زعامة المعارضة فى مصر لا تتطلب أكثر من تصريحات ساخنة ضد النظام، وتصريحات أكثر سخونة منها ضد إسرائيل وأمريكا بالطبع.
الدكتور سيد أطلق تصريحه بكل سهولة دون أن يخبر الناس أن تنفيذ الأمر ليس على الإطلاق فى سهولة الكلام عنه، فالرجل وإن كان يعلم، يتكلم عن اتفاقيات دولية وعن أمم متحدة ومجلس أمن لا يتحرك باسم الأممية إلا إذا كان الأمر فى صالح إسرائيل، وعن ولايات متحدة أمريكية لن تقف بالطبع صامتة وهى ترى ابنتها المدللة إسرائيل مجروحة القلب بعد أن قررت مصر قطع العلاقات معها.
المسألة معقدة إذن، وطول عمرنا نعلم تماما أنها ورقة يستخدمها المزايدون وأصحاب تصريحات الأصوات العالية وراغبو البحث عن شعبية فى الشارع، لمداعبة الدولة أو الصعود على قفاها، الدكتور سيد كان أولى به أن يكون صريحاً ويلعب سياسة صح، ويوجه انتقادات واضحة للنظام المصرى بخصوص صمته على ما ترتكبه إسرائيل فى قطاع غزة، أو على الاستهتار الذى يطلق به جنودهم النار على الحدود، فيموت من يموت من أبنائنا.
عموماً.. كنت أظن أن فترة صمت وهدوء رئيس حزب الوفد ستطول، وكنت أظن أن هذا الهدوء سيمكنه من تحويل الوفد إلى قبلة للنخبة الصالحة والقادرة فعلاً على إحداث الفارق فى السنوات القادمة، ولكن يبدو أن هناك من يوسوس لرئيس حزب الوفد بأن هناك طرقاً أسهل لتحقيق الشعبية من تلك الطرق التى تحتاج إلى سنوات طويلة لكى يتمكن فيها أى حزب من بناء نفسه، وتأسيس أرضية صلبة وقوية لنخبة هادئة واعية تستطيع أن تقف عليها بثبات وهى تقول للنظام ذات يوم: ارحل لكى أجلس مكانك.. دون أن تصيب البلد بسوء، ودون أن تقلب كيان الوطن رأساً على عقب.
آخر كلام:
على أى أساس خرج الكهنة فى مظاهرة تتهم المسلمين باختطاف زوجة كاهن ديرمواس؟ وكيف سمحت الكنيسة لهم بالتظاهر فى مقر الكاتدرائية بالعباسية وكأنهم فى مهمة دينية رسمية إلهية؟ هل هذه هى عقول كهنة ورهبان الكنيسة المصرية؟ والأخطر من ذلك أن البابا شنودة تخلى عن حكمته وهدوئه، وقرر ألا يعلق على طوفان الغوغائية السائد، كأنه، وكما قلت من قبل، يريد أن تكون تغريدته الأخيرة فى الكنيسة كتغريدة البجعة تنصبه بطلاً لترد عنه جميع الاتهامات السابقة التى قالت إنه رجل الدولة والنظام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة